العهد تكاد كلها تحملني على الاعتقاد بأن الواجب أن يرسل إلينا مبشرون صينيون ليعلمونا أساليب الأديان القومية وأهدافها ... ذلك بأني أعتقد أنه لو عين رجل حكيم قاضياً ... ليحكم أي الشعوب أفضل أخلاقاً من سواها، لما تردد في الحكم للصين بالأسبقية في هذا المضمار" (205). وقد طلب ليبنتز إلى بطرس الأكبر أن ينشأ طريقاً برياً للصين، ودعا إلى إنشاء جمعيات في موسكو وبرلين "لارتياد الصين وتبادل المدينتين الصينية والأوربية" (206). وفي عام 1721م بذل كرستيان ولف Christian Wolff (?) مجهوداً آخر في هذا السبيل وذلك بما ألقاه من محاضرات في جامعة هال Halle " عن فلسفة الصينيين العملية"، واتهمه ولاة الأمور بالإلحاد وفصلوه من منصبه، فلما أن جلس فردرك الأكبر على عرش بروسيا دعاه إليها ورد إليه اعتباره (207).
وجاء عصر الاستنارة في فرنسا فعني بالفلسفة الصينية كما عني بتنسيق الحدائق الفرنسية على نمط الحدائق الصينية وتزيين المنازل بالنقوش والأدوات الصينية. ويلوح أن الفلاسفة الاقتصاديين الطبيعيين (الفزيوقراطيين) قد تأثروا بآراء لو- دزه، وجونج- دزه في نظرية "التخلي" Laissez faire وترك الأمور تجري في مجراها، وهي النظرية الاقتصادية التي يقولون بها ويدعون إليها (208). ولقد كان روسو يتحدث في بغض الأحيان كما يتحدث المعلم القديم (?) وإنا لنتبين صلة وثيقة بينه وبين لو- دزه وجونج، ولو أن كنفوشيوس