قلعته الحصينة. وكان جبون سليل هيوم في الفلسفة، وتلميذه الذي بزه في التاريخ. وفي ألمانيا أيقظ كتابه "تحقيق في الفهم البشري" كانت من "سباته الدجماطيقي" بما بدا من تقويضه لكل العلم والميتافيزيقا واللاهوت عن طريق تشككه في موضوعية العلة. وبعد أن قرأ كانت مخطوطة الترجمة التي قام بها هامان لكتاب "الحوارات حول الدين الطبيعي "أدمج في إعداده النهائي لكتابه "نقد العقل الخاص" (1781) انتقادات هيوم للحجة القائمة على القصد، واعتبر هذه الانتقادات مستعصية على الرد (155).
وقد كتب هيوم يقول "أتمنى أن يكون حظي- لأجلي ولأجل أصدقائي جميعاً- أن أقف دون عتبة الشيخوخة فلا أوغل في ذلك الإقليم الكئيب (156). واستجاب له الحظ. تقول ترجمته الذاتية:
"في ربيع 1775 أصبت باضطراب في أمعائي لم يفزعني في لأول وهلة، ولكنه أصبح بعد ذلك، كما خشيت، قتالاً لا شفاء منه. وإني الآن أعلق أملي على الانحلال السريع. لقد عانيت ألماً طفيفاً جداً من اضطرابي هذا، وأعجب من ذلك أنني برغم التدهور الشديد الذي ألم ببدني، لم أعان قط ولو للحظة واحدة أي هبوط في معنوياتي، بحيث لو طلب إلى أن أسمي فترة حياتي التي أوثر أن أعيشها من جديد فربما أغربت بأي أسمى هذه الفترة الأخيرة. فعندي الحماسة ذاتها التي ألفتها في الدرس، والمرح في صحبة الإخوان، ثم أنني أحسب أن الرجل إذا مات وهو في الخامسة والستين إنما يوفر على نفسه بضع سنين من العلل والإسقام (157) ".
وائتمر عليه الإسهال، ذلك الانتقام الأثير إلى الآلهة من عظماء البشر، مع النزيف الداخلي، فهبطا بوزنه سبعين رطلاً في عام واحد (1775). وكتب إلى الكونتيسة بوفليه يقول "إني أرى الموت يدنو شيئاً فشيئاً دون أن أشعر بقلق أو أسى. أحييك بكثير من الود والاحترام لآخر مرة (158) " وذهب لاستشفاء بالمياه المعدنية في باث، فلم تجد فتيلاً في التهاب المعي الغليظ المقرح المزمن. ولكن ذهنه ظل هادئاً صافياً.