قصه الحضاره (صفحة 11721)

وكان المخترعون خلال ذلك يجاهدون ليبلغوا بالآلة البخارية درجة الكفاءة المجزية. وكانت قد قطعت قبل ذلك شوطاً طويلاً، من أبواب ولعب "هيرو" التي يشغلها البخار في القرن الثالث الميلادي، مرورا بجيروم كاردان (1550)، وجامباتستا ديللابورتا (1601)، وسالومون دي كاوس (1615)، وجوفاني برانكا (1629)، ومركيز ورستر (1663)، وصموئيل مورلاند (1675) وكرستيان هويجنز (1680)، ودني بابان (1681)، وتوماس سافري (1698)، إلى آلة توماس نيوكومن البخارية في 1712؛ تلك قصة رويت ألف مرة. وهنا أيضاً، أي في عام 1712، يمكن أن يبدأ تاريخ الثورة الصناعية، لأن آلة نيوكومن "النارية" كانت مجهزة بمكبس، وذراع متذبذب، وصمام أمن، واستخدمت بنجاح في نزح الماء في المناجم العميقة. وقد ظلت النموذج الأساسي للطلمبات مدى ثلاثة أرباع القرن.

د - رأس المال والعمال

حين ازدادت الآلات حجماً وتكلفة، وتطلب تشغيلها القوة الميكانيكية، وجد نفر من المغامرين أنه أربح لهم أن يستبدلوا بالصناعة في البيوت مصانع تجمع الرجال والنساء في أبنية يحسن اختيار مواقعها قرب أنهار توفر الطاقة والنقل معاً. والمصانع، كما سلف، لم تكن بدعاً، فقد كان منها مئات في إنجلترا اليزابيث وفرنسة كولبير. غير أن "نظام" المصانع- إذا عرفناه بأنه اقتصاد صناعي يتم فيه الإنتاج بصفة رئيسية في مصانع- لم يكد يوجد في أي مكان قبل القرن التاسع عشر. ولكن بعد اختراعات كي وبول بدأت مصانع المنسوجات تقوم بالمزيد من الغزل والنسيج الذي كان يتم في البيوت، وفي 1717 أنشأ توماس لوم في داربي مصنع نسيج طوله 660 قدماً، يشغل ثلاثمائة عامل يقومون على 26. 000 دولاب. وسرعان ما قامت منشآت مماثلة الضخامة في ستوكبورت، وليك، وبرمنجهام، وليومنستر، ونرثامتن.

وشراء الآلات وإيواؤها، والحصول على الخامات، واستئجار العمال والإدارة، ونقل النتائج وتسويقه، كل هذا يتطلب رأس المال. كذلك كان الرأسمالي- مقدم رأس المال أو مديره- ظاهرة قديمة، ولكن بزيادة الطلب على رأس المال ازدادت الأهمية الاقتصادية والقوة السياسية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015