النظام، "ومتحدين مع الله". وينبغي ان نتوقع ونحتمل وجهي الحظ كليهما بنفس الذهن، لأن كل الأشياء تنشأ من القانون الأبدي لله، بنفس الطريقة التي ينشأ بها من ماهية المثلث أن زواياه الثلاث تشكل زاويتين قائمتين (150). أن هذا الهروب من التفكير الطائش هو الحرية الحقيقية الوحيدة (151). وهذا الذي يستطيع بلوغها، يملان-كما اعتاد الرواقيون أن يقولوا-أن يكون حراً في كل الظروف في كل حالة تقريباً. أن أكبر هبة يمكن أن تمنحنا إياها المعرفة هي أن نرى أنفسنا كما يرانا العقل.
وعلى هذا الأساس من المذهب الطبيعي يصل سبينوزا إلى بعض نتائج أخلاقية، مثل تلك التي وصل إليها المسيح، بشكل يدعو إلى الدهشة:
أن الذي يعرف بحق أن كل الأشياء تنشأ من ضرورة الطبيعة الإلهية، وتسير وفق قوانين أزلية طبيعية منتظمة، لن يجد إطلاقاً شيئاً جديراً بالكراهية، أو السخرية أو الازدراء، كما أنه لن يرثى لأحد، ولكنه، بقدر ما تسمح الفضيلة البشرية، سيسعى جهده ليعمل صالحاً .... ويبتهج (152) .... أن الذين يعترضون على الناس ويؤثرون استنكار الرذائل، لا غرس الفضائل ... مصدر ازعاج لأنفسهم وللآخرين معاً (153) .... أن الرجل القوي لا يبغض أحداً، ولا يثير غضبه أحد، ولا يحسد أحداً، ولا ينقم على أحد، وليس بأية حال مغروراً (154). أن الذي يعيش على هدى من العقل، يحاول قدر طاقته أن يقابل الكراهية والغضب والاحتقار ... الخ، بالحب والكرم ... وهذا الذي يرغب في الانتقام للأدى بالكراهية المتبادلة، إنما يعيش حليف البؤس والشقاء. فالكراهية تتفاقم إذا كانت متبادلة، وعلى العكس يمكن القضاء عليها بالحب (155) .... والناس، بهدى من العقل، .... لا يرجون لأنفسهم شيئاً لا يحبونه لسائر البشر (156). (أحب لأخيك ما تحب لنفسك).