أو كرهاً، دمر المادة والروح كلتيهما، وأن كتابات الأسقف اللامع الذي تطلع إلى الدفاع عن الدين، "تشكل أحسن دروس التشكك التي يمكن العثور عليها عند الفلاسفة القدامى والمحدثين على حد سواء، ودون استثناء بيل (193) ".
وعمر باركلي أربعين عاماً بعد نشر رسائله الثلاث. وفي 1724 عين رئيساً لكاتدرائية دري. وفي 1728 أبحر، بناء على وعد من الحكومة بإمداده بمعونة مالية، إلى برمودا لينشئ فيها كلية "لتقويم عادات الإنجليز في مزارعنا في الغرب-المستعمرات-، ونشر الإنجيل بين الأمريكيين الهمجيين- (194). ووصل إلى نيوبورت في رود أيلند ينتظر ورود المنحة الموعودة وقدرها عشرون ألفاً من الجنيهات التي لم يصل منها شيء. وهناك ألف كتاب "الفيلسوف الصغير" ليضع حداً لكل الشكوك الدينية. وترك بصماته على ذهن جوناثان ادواردز، وكتب بيتاً مشهوراً "أن الإمبراطورية تشق طريقهما غرباً". وبعد ثلاث سنوات من توقعات لا طائل تحتها عاد إلى إنجلترا. وفي 1734 عين أسقفاً في كلوين. وقد رأينا كيف أن فانيسا صديقة سوبفت جعلته أحد منفذي وصيتها وتركت له نصف ثروتها. وفي 1744 نشر رسالة غريبة "مزايا ماء القطران" الذي قدمه إليه هؤلاء الهمجيون الذين سبق ذكرهم، والذي أوصى به الآن علاجاً للجدري. وقضي نحيه في أكسفورد في 1753 بعد حياة دامت ثمانية وستين عاماً.
ولم يبزه أحد في إثبات عدم واقعية الواقع. وفي جهوده لاستعادة الإيمان الديني وتطهيره البلاد من مادية هوبز التي كانت تلوث إنجلترا وتفسدها، قلب الفلسفة رأساً على عقب، وجعل "كل طبقات السماء وكل ما على الأرض .... كل تلك الأجسام التي تؤلف هيكل الجبار للعالم بأسره (195) "، موجودة بالنسبة للإنسان، باعتبارها مجرد أفكار في عقله. وكانت مغامرة محفوظة بالمخاطر، وربما ارتاع باركلي نفسه إذا وجد هيوم وكانت يقتبسان من مبادئه التقية الورعة نقداً للعقل لم يترك أية تعاليم أساسية في صرح الدينة المسيحية العريقة الحبيبة إلا زعزع أركانها. أننا لنعجب بدقة نسيج العنكبوت الذي جاء به، ونسلم بأنه منذ أفلاطون لم يكتب أحد مثل هذا الهراء الخلاب. وسنرى أثره في كل مكان من بريطانيا وألمانيا في القرن الثامن عشر، وكان الأثر أقل في