ثانياً: أن يشيعوا الاعتقاد بأن الأشياء التي تغضب الآلهة هي نفسها الأشياء التي حرمها القانون (49).
ولكيلا يستنتج أحد أن موسى أستخدم وسائل شبيهة بهذه في نسبة شرائعه لله، يضيف هوبز، في نفور خاص من النار، أن "الرب بنفسه، بوحي خارق، أقام الدين" بين اليهود.
ولكنه يشعر بأنه على حق، بالأمثلة التاريخية، في أن يوصي بأن يصبح الدين أداة للحكومة، وبناء على هذا الغرض يفرض الملك مبادئ الدين وتعاليمه. وإذا كانت الكنيسة مستقلة فإنه يكون هناك ملكان، ومن ثم لا يكون ملك أبداً، وتكون الرعية موزعة بين السيدين.
إذا انتحلت السلطة الروحية حق الحكم بأن هذا أو تلك أثم، فإنها تنتحل، نتيجة لذلك، حق الحكم بأن هذا هو القانون (لأن الإثم ليس إلا مخالفة القانون) .... وإذا كانت هاتان السلطتان (الكنيسة والدولة) تناوئ الواحدة منهما الأخرى فإن الدولة تتعرض لخطر كبير هو خطر الحرب الأهلية والتمزق (50).
وفي مثل هذا الصراع يكون للكنيسة اليد العليا "لأن أي إنسان وهو في كامل وعيه ورشده لا بد أن يدين في كل الأمور. بالطاعة المطلقة، للرجل الذي يعتقد أن حكمه عليه سينجيه أو يقضي عليه". وحين تثير السلطة الروحية نفوس الرعايا "بالخوف من العقاب أو الأمل في الثواب" من هذا النوع الخارق للطبيعة"، وتخنق تفكيرهم وتعطل عقولهم بالكلمات الغريبة القاسية، فلا بد أنها بذلك توقع الشعب في حيرة، وأما أن ترهق البلاد بالظلم والجور، وأما أن تلقي بها في أتون حرب أهلية (51). ويرى هوبز أن المخرج الوحيد من مثل هذا المأزق الحرج أن تكون الكنيسة خاضعة للدولة. ولما كانت الكنيسة الكاثوليكية ترى في هذا رأياً آخر، فإن هوبز، في الجزء الرابع من "لواياثان" يهاجمها على أنها ألد وأقوى عدو لفلسفته.
ثم يورد هوبز "نقداً أشد" للكتاب المقدس- يرتاب في تأليف موسى للأسفار الخمسة الأولى من التوراة، ويؤرخ "الأسفار