على خير وجه، فإذا أخفق هذا، كما قال ملتون (مثل ما قال بوكانان وماريانا وكثيرون غيرهما)، كان للشعب الحق في خلعه. واعترض هوبز على النظرية بهذه الصيغة، على أساس أنها لم تؤسس سلطة مخولة أن تنفذ العقد، أو تحدد كيف ومتى نقض. وآثر القول بأن هذا الاتفاق مبرم، لا بين الحاكم والمحكومين، بل بين المحكومين الذين اتفقوا فيما بينهم:
إنهم منحوا كل سلطانهم وقوتهم (أي حقهم في استخدام القوة بعضهم ضد بعض) لرجل واحد أو لجماعة من الرجال .... فإذا تم هذا، أتحد الجميع في رجل واحد يسمى الدولة. وهذا هو منشأ اللواياثان الكبير .... بل على الأرجح منشأ "الرب الفاني" الذي ندين له، في ظل "الإله الحي الباقي" بسلامنا والدفاع عنا لأنه بمقتضى هذه السلطة التي خولها إياه كل فرد في الدولة، له الحق في أن يستخدم كثيراً من السلطات والقوة اللتين منحتا له، ومن ثم فإنه بالإرهاب يكون قادراً على تشكيل إرادة الناس جميعاً .... غايته من ذلك أن يستخدم كل قوتهم وكل ما يملكون من وسائل. كلما وجد الضرورة تدعو إلى ذلك، من أجل سلامهم والدفاع المشترك عنهم. وهذا الذي يمثل هذا "الشخص" ويحمل هذا العبء يسمى ملكاً، ويقال أن له سلطة ملكية، وكل من عداه من رعاياه (31).
وفي شيء من الطيش افترضت النظرية ف هؤلاء الهمج "القذرين المتوحشين" الذين سبق ذكرهم، درجة من النظام والعقلانية والاتضاع، وهي درجة تسمح بتنازلهم عن سلطاتهم. وأجاز هوبز في شيء من الحكمة، أن تنشأ الدولة على أصول بديلة: -
ويكمن الوصول إلى هذه السلطة الملكية الحاكمة عن طريقين، أولهما القوة الطبيعية، كما هو الحال حين يعمد رجل ما إلى إخضاع بنيه وذرياتهم لحكومته، لأنه قادر على تدميرهم والقضاء عليهم إذا أبو عليه ذلك، أو يخضع أعداءه لإرادته عن طريق الحرب. أما ثانيهما فهو حين يتفق الناس فيما بينهم على الخضوع طواعية واختياراً لرجل أو جماعة من الرجال، ثقة من الناس بأن هذا الرجل أو جماعة الرجال سيتولون حمايتهم ضد الآخرين. ويمكن أن يطلق على هذا "رابطة سياسية" (32) (الدولة).