الاسكتلنديين تفردوا بغيرتهم المحرقة. مثال ذلك أن ست نساء في مدينة ليث عذبن بشتى ضروب التعذيب عام 1652 لحملهن على الاعتراف بالسحر، فعلقن من أباهمهن، وجلدن، ووضعت الشموع الموقدة تحت أقدامهن التي فتحت عنوة، ومات أربعة من الستة من التعذيب (9). وفي عام 1661 كان هناك أربعة عشرة محكمة تحاكم الساحرات في إسكتلندة، وفي 1664 أحرق تسع نساء معاً في ليث. واستمرت أحكام الإعدام هذه في إسكتلندة على نحو متقطع حتى 1722. وفي إنجلترا شنقت ساحرتان سنة 1664 في بوري سانت ادموندر، وأعدمت ثلاث في 1682، وعدد غير مؤكد في 1712. وقوضت الحجج التي أتى بها وير، وسبي، وهوبز، وسبينوزا، وغيرهم، شيئاً فشيئاً وهم السحر في أوساط العلمانيين المثقفين ووقف المحامون والقضاة بدرجة متزايدة في وجه اللاهوتيين، ورفضوا الاتهام أو الإدانة بالسحر. وفي 1712 قضت هيئة محلفين من الإنجليز البسطاء على جين وينهام بأنها مذنبة بالسحر، ولكن القاضي رفض الحكم عليها، فندد به رجال الدين المحليون (10)، ولكن لم يعدم أحد بتهمة السحر في إنجلترا بعد ذلك التاريخ. وفي فرنسا حصل كولبير على مرسوم من لويس الرابع عشر (1672) بمنع أحكام الإدانة بتهمة السحر (11). واحتج برلمان روان بأن هذا المنع انتهاك للأمر الوارد في التوراة، "لا تدع ساحرة تعيش" (خروج 22 - 18)، وأفلح بعض الحكام المحليين في حرق سبع "عرافات" في فرنسا فيما بين عامي 1680 و1700، ولكنا لا نسمع بأحكام إعدام بعد 1718. واستمر الإيمان بالسحر حتى الانتصار المؤقت الذي أحرزته العقلانية في حركة تنوير القرن الثامن عشر، وما زال موجوداً في أماكن متفرقة هنا وهناك.
وتعاونت الرقابة والتعصب مع الخرافة على الحد من نمو المعرفة وانتشارها. وفي فرنسا حالت الصراعات التي احتدمت بين الملوك والبابوات، وبين الكنيسة الفرنسية والبابوية، وبين الجانسنيين واليسوعيين، وبين الكاثوليك والهيجونوت-هذه الصراعات حالت دون وحدة الرقابة. وثباتها ودقتها، وهي الرقابة التي عزلت أسبانيا في هذا العصر عن حركات العقل الأوربي. ووجد المؤلفون المهرطقون