قصه الحضاره (صفحة 11240)

وفي البرتغال، على الأخص، وأصل الكثير من المتنصرين في الظاهر (الكونفرسو conversos أو المارانو) ممارسة اليهودية ونقلها في عزلة بيوتهم، ووقع أكثر من مائة منهم ضحايا لديوان التفتيش لأنهم مرتدون ( relapsos) بين عامي 1565 و1595 (4) -ووجد اليهود المتسترون مكاناً قلقاً في الحياة البرتغالية كتاباً، وأساتذة، وتجاراً، وماليين، بل ورهباناً وقسيسين، على الرغم من كل أخطار الكشف عن حقيقتهم. وكان ألمع الأطباء يهوداً متخفين، وفي لشبونة طورت أسرة منديس شركة مصرفية من أعظم الشركات في أوربا.

وبعد أن اندمجت البرتغال في أسبانيا (1580)، زاد نشاط ديوان التفتيش البرتغالي، ففي السنين العشرين التالية أقيم خمسون احتفالاً لإقامة المهرطقين، وحكم على 162 بالإعدام، وعلى 2. 979 تائباً بالعقوبات التفكيرية، وأحرق في لشبونة (1603) راهب فرنسسكاني يدعى ديوجودا أسومساو، يبلغ الخامسة والعشرين، بعد أن اعترف باعتناقه اليهودية (5). وهاجر إلى أسبانيا الكثير من المارانو بعد أن وجدوا ديوان التفتيش البرتغالي أشد وحشية من نظيره الأسباني. وفي 1604، بفضل رشوة قدرها 1. 860. 000 دوكاتية دفعوها لفيليب الثالث، ورشا أقل لوزرائه، أقنعوا الملك بأن يحصل من البابا كلمنت الثامن على مرسوم يأمر فيه قضاة التفتيش البرتغاليين بأن يفرجوا عن جميع المارانو المسجونين ويفرضوا عليهم عقوبات روحية فقط. فأطلق في يوم واحد (16 يناير 1605) سراح 410 من هؤلاء الضحايا. ولكن مفعول هذا الرشا وأمثالها كان يضعف بمضي الوقت، ولم يلبث الإرهاب البرتغالي أن عاد سيرته الأولى عقب موت فيليب الثالث (1621). ففي 1623 قبض على مائة من "المسيحيين المحدثين" في بلدة مونتمور أو نوفو. وفي كوامبرا، مركز المملكة الثقافي، قبض على 247 في 1626، وعلى 218 في 1629، وعلى 247 في 1631. وخلال عشرين عاماً (1620 - 40) أحرق 230 يهودياً برتغالياً شخصياً، و161 دمية تمثلهم بعد أن هربوا، و"صولح" 4. 995 بعقوبات أخف (6). وفر الآن المارانو من البرتغال كما فروا من قبل من أسبانيا، مخاطرين بحياتهم وتاركين ثروتهم خلفهم إلى أركان المسكونة كلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015