قصه الحضاره (صفحة 11189)

الغربي فقط هو الذي خضع لحكم الإمبراطور، وكان جزء منه بروتستنتياً يتوق إلى التحرر. وكان للمجريين مشاعرهم القومية الخاصة بهم، والتي يغذوها أدبهم وما توارثوه من تقاليد يعتزون بها عن هونيادي يانوس وماتياس كورفينوس، وكان ميكلوس زريني قد نشر قبيل هذه الفترة (1651) ملحمة تفيض بحب الوطن. وكان المجريون الذين أهانهم وظلمهم الحكم النمساوي والتسلط الكاثوليكي تحدثهم نفوسهم بالترحيب بالعثمانيين حين قرر هؤلاء محاولة فتح المجر كلها.

وقد أوقفت سلسلة من الوزراء العثمانيين الأقوياء اضمحلال تركيا، وعاودوا إرهاب الغرب. ومن علامات الانتعاش إن شاعراً تركياً فحلاً اسمه "نبي" راح يتغنى بمديح الوزراء الذين أعقدوا عليه المال، علامة أخرى أن المال والوذوق والورع التركي-كلها تضافرت لتشيد جامع ييني-وليدي البديع في اسطنبول (1651 - 80). وعين السلطان محمد الرابع محمد كوبريلي صدراً أعظم (1656)، استهل وهو في السبعين من عمره نصف قرن من الحكم تربعت فيه أسرته الألبانية على دست الوزارة، ولم يدم استيزاره أكثر من خمس سنوات، ولكن في هذه الوزارة الخماسية أعدم بأمره 36. 000 شخص لجرائم تتفاوت من السرقة إلى خيانة الدولة، وكان كبير جلاديه يشنق ثلاثة كل يوم في المتوسط. وأكره الخوف من العقاب المفسدين في الإدارة ودساسي الساسة في الحريم على الاعتدال، وأعيد النظام إلى الجيش، وخفف باشوات الولايات من استقلالهم واختلاساتهم. فلما تمرد جورج راكوكزي الثاني، أمير ترانسلقانيا، على السيادة العثمانية، اكتسح كوبريلي حركة التمرد بجيش يقوده بنفسه، وخلع راكوكزي، وفرض على البلاد تعويضاً باهظاً، وزاد الجزية التي تدفعها ترانسلقانيا للسلطان سنوياً من خمسة عشر ألف فلورين إلى خمسين ألفاً.

وخلف هذا السبعيني الرهيب في الوزارة ابنه أحمد كوبريلي. فلما نشبت ثورة أخرى في ترانسلقانيا بقيادة يوحنا كيمينيي، عززها ليوبولد بعشرة آلاف مقاتل يقودهم قائد فذ من قواد ذلك العصر هو الكونت الإيطالي ريموندو دي مونتيكوكولي. ورد أحمد بالزحف بجيش عدته 120. 000 مقاتل تحت قيادته حاول به استكمال فتح المجر. وطلب ليوبولد المعونة، واستجابت الولايات الألمانية، البروتستنتية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015