يسمح له بأن ينتحر، وكان الكثيرون منهم ينتحرون بالفعل على النحو الذي أصبح فيما بعد عادة مألوفة بين طبقة السموراي في اليابان. واحتج عامة الشعب على هذه التفرقة، وقالوا أن في مقدورهم هم أيضا أن يؤدبوا أنفسهم، وتمنوا أن يقوم بينهم وطني مخلص شبيه بهرموديس أو أرستجيتون (?) يحررهم من ظلم القوانين. ثم تراضت الفئتان آخر الأمر واتفقتا على حل سليم فضيقت دائرة القانون الوضعي حتى لم تعد تشمل الا المسائل الكبرى أو المسائل القومية، وظلت أحكام العرف والعادة هي الفيصل فيما دونها من الأمور. واذ كانت الكثرة الغالبة من شئون البشر من المسائل الصغرى فقد ظل حكم العادة هو السائد بين كافة الطبقات.
واستمر تنظيم الولايات يجري في مجراه، وجمعت قواعد هذا النظام في الجو- لي، أو "دستور جو" وهو مجموعة من الشرائع تعزوها الروايات إلى جو جونج عم دوق جو الثاني وكبير وزرائه، وهو بالطبع قول لا يقبله عقل لأن هذه الشرائع لا يمكن أن تكون من وضع رجل واحد.
والواقع إن الإنسان يلمح فيها روح كونفوشيوس ومنشيس، ولهذا فأكبر الظن أنها وضعت في آخر أيام أسرة جو لا في أيامها الاولى. وقد ظلت مدى ألفي عام تمثل فكرة الصينيين عن النظام الحكومي: وقوامه إمبراطور يحكم نيابة عن الخالق، وأنه "ابن السماء" يستمد سلطانه مما يتصف به من الفضيلة والصلاح؛ وأعيان، بعضهم بحكم مولدهم وبعضهم بحكم تربيتهم وتدريبهم، يصرفون أعمال الدولة؛ وشعب يرى أن واجبه فلح الارض يعيش في أسر أبوية ويتمتع بالحقوق المدنية ولكنه لا رأي له في تصريف الشؤون العامة؛ ومجلس من ستة وزراء كل واحد منهم على ناحية من النواحي الآتية وهي: "حياة الإمبراطور وأعماله، ورفاهية الشعب وزواج أفراده المبكر، والمراسيم والتنبؤات الدينية، والاستعداد للحرب والسير فيها، وتوزيع العدالة بين السكان وتنظيم