جيشاً سويدياً إلى غربي بولندة واستولى على وارسو (8 سبتمبر). وانهارت المقاومة البولندية. وأعلن النبلاء البولنديون، بل حتى الجيش البولندي، الخضوع للفاتح وأقسموا يمين الولاء له (3). وأرسل له كرومويل تهانئه لأن قبض على أحد قرون البابا (4)، وأكد شارل لـ "حامي الجمهورية" (كرومويل) أنه عما قليل لن يبقى في بولندة باوبوي واحد (5)، ومع ذلك وعد بالتسامح الديني في بولندة.
على أن خططه أحبطها جيشه الظافر. ذلك أنه الجيش أفلت زمامه، فراح ينهب المدن ويذبح السكان ويسلب الكنائس والأديار. وقاوم الحصار دير ياسنا جورا، القريب من تشستوتشوا، مقاومة باسلة، وأثار الذي نجاحه الذي عد من المعجزات حماسة الجماهير الدينية، وأهاب الكهنة الكاثوليك بالأمة أن تطرد الغزاة الكفار، وبادر الفلاحون إلى امتشاق الحسام، ففرت الحامية التي تركها شارل في وارسو أمام الحشد الزاحف وأعيد كازيمير إلى عاصمته (16 يونيو 1656) وانقلب التتار على روسيا، ووقعت روسيا هدنة مع بولندة مؤثرة جيرتها على جيرة السويد (1656). وأفضي موت شارل العاشر فجأة إلى صلح أوليفا (3 مايو 1660) الذي أنهى الحرب بين بولندة والسويد. وفي 1659 استؤنف الصراع مع روسيا. وبعد ثمانية أعوام من الفوضى والحملات وذبذبات الولاء القوزاقي، نالت روسيا بمقتضى صلح أندروسوفو (20 يناير 1667) سمولينسك، وكيف، وأوكرانيا شرقي الدنيير. وظلت تجزئة أوكرانيا على هذا النحو سارية حتى التقسيم الأول لبولندة (1772).
ثم اعتزل جون كازيمير عرش بولندة (1668) بعد أن أرهقته الحرب وأضناه الفيتو مطلق، واعتكف في نيفير بفرنسا، وعاش حياة هادئة بين الدرس والصلاة إلى أن مات (1672). وخاض خلفه ميخائيل فسنيوفيكي حرباً مدمرة مع العثمانيين، وبمقتضى صلح بوكزاكز (1672) اعترفت بولندة بالسياسة العثمانية على أوكرانيا الغربية، وتعهدت بأداء جزية سنوية للسلاطين تبلغ 220. 000 دوكاتية. وفي تلك الحرب اكتشفت بولندة عبقرية جان سوبيسكي الحربية، فلما مات فسنيوفيكي (673)، انتخب الديت أعظم ملوك بولندة قاطبة (1674) بعد أن ضيّع وقتاً ثميناً على عاداته.