لا يحكمون على أكابر مجرميهم بالموت بل بالخلو.
"فاذا بلغ هؤلاء المجرمون سن الثمانين وهي السن المعتبرة نهاية الحياة في بلدهم، لا تكون فيهم كل الحماقات والسقام والعلل التي في سائر المسنين فحسب، بل أكثر منها بكثير، مما نشأ من توقعاتهم الرهيبة بأنهم لن يموتوا قط، ولم يكونوا عنيدين شكسين طامعين فيما في أيدي غيرهم، مكتئبين عابثين ثرثاريين فحسب، بل كانوا كذلك غير أهل للصداقة، لا يستجيبون لأية عاطفة أو حب طبيعي، لم يهبط قط عن حضرتهم. وكان الحسد والرغبات عاجزة هي الشعور السائد بينهم ... وإذا رأوا جنازة ولولوا وتذمروا من أن الآخرين ذاهبون إلى دار الراحة حتى لا يأمنون هم أنفسهم في الوصول إليها ... أبداً وكان هذا أفظع منظر مخز مميت للشهوات رايته في حياتي. وكانت النساء اشد إزعاجاً من الرجال ... ومن هذا الذي سمعت ورأيت، خفّت كثيراً شهوتي الحادة في البقاء على قيد الحياة (129) ".
وفي القسم الرابع نبذ سويفت الهزل والمزاح إلى شجب قوي ساخر للإنسانية. فان أرض "الهويمن" يحكمها جياد نظيفة وسيمة بهيجة، تنطق بالحكمة وتتحلى بكل مظاهر المدنية، على حين أن الخدم الحقراء فيها، وهم "الياهو المتوحشون"، هم رجال أقذار كريهو الرائحة، جشعون مخمورون، غير متعقلين مشوهون. ومن بين هؤلاء المنحنين المنحطين (هكذا كتب سويفت في أيام جورج الأول):
"كان هناك رجل حاكم من "الياهو" (ملك) "، أبشع شكلاً وأكثر نزوعاً إلى الشر والأذى من الآخرين ... وكان لهذا الزعيم عادة شخص مثله محسوب عليه أثير لديه، عمله الوحيد هو أن يلعق قدمي سيده ... ويأتي بنساء الياهو إلى حظيرته، ومن اجل هذا كان يكافأ من حين إلى حين بقطعة من لحم الحمار (علامة على النبالة؟) ... وكان يبقى عادة في عمله هذا، حتى يمكن العثور على من هو أسوأ منه (130) ".