لقراره، لأنها ظنت أنها كادت تبلغ غايتها، ولم توافق غاندي على أن الوسائل قد يكون لها من الأهمية ما للغاية المنشودة، ومن ثم هبطت سمعة المهاتما حتى بلغت أدنى درجات جَزْرها.
وفي هذه اللحظة نفسها (في مارس سنة 1922) قررت الحكومة القبض عليه، فلما توجه إليه النائب العام بتهمة إثارة الناس بمنشوراته، حتى اقترفوا ما اقترفوه من ألوان العنف في ثورة 1921، أجابه غاندي بعبارة رفعتْه فوراً إلى ذروة الشرف، إذ قال:
"أحب أن أؤيد ما ألقاه النائب العام العلاّمة على كتفي من لوم فيما يخص الحوادث التي وقعت في بمباي ومدراس وشاوري شاورا؛ لأنني إذا ما فكرت في هذه الحوادث تفكيراً عميقاً، وتدبرت أمرها ليلة بعد ليلة، تبين لي أنه من المستحيل علي أن أتخلى عن هذه الجرائم الشيطانية ... إن النائب العام العلاَّمة على حق لا شبهة فيه حين يقول إنني باعتباري رجلاً مسئولاً، وباعتباري كذلك رجلاً قد ظفر بقسط من التعليم لا بأس به ... كان ينبغي علي أن أعرف النتائج التي تترتب على كل فعل من أفعالي؛ لقد كنت أعلم أنني ألعب بالنار، وأقدمت على المغامرة، ولو أطلق سراحي لأعدتُ من جديد ما فعلته؛ إني أحسست هذا الصباح أنني أفشل في أداء واجبي إذا لم أقل ما أقوله هنا الآن.
أردت أن أجتنب العنف، وما زلت أريد اجتناب العنف، فاجتناب العنف هو المادة الأولى في قائمة إيماني، وهو كذلك المادة الأخيرة، من مواد عقيدتي؛ لكن لم يكن لي بد من الاختيار، فإما أن أخضع لنظام الحكم الذي هو في رأيي قد ألحق ببلادي ضرراً يستحيل إصلاحه، وإما أن أتعرض للخطر الناشئ عن ثورة بني وطني ثورة غاضبة هوجاء ينفجر بركانها إذا ما عرفوا حقيقة الأمر من بين شفتي، إني لأعلم أن بني وطني قد جاوزوا حدود المعقول أحياناً، وإني لآسف لهذا أسفاً شديداً، ولذلك فأنا واقف هاهنا لأتقبل، لا أخف ما تفرضونه من عقوبة، بل أقسى ما تنزلونه من عقاب؛ إنني