في هذه المرحلة الحاسمة التعسة اضطلع جان دي ويت بزعامة البلاد، وكان ينتمي إلى أسرة بعيدة العهد بالتفوق في التجارة والسياسة الهولنديتين. وقد انتخب أبوه يعقوب دي ويت عمدة على درودشت ست مرات. أما جان فقد تلقى كل التعليم الميسور، وجاب أرجاء فرنسا مع أخيه الأكبر كورنيليس، والتقى بكرومويل في إنجلترا، ثم استقر في لاهاي محامياً (1647). وبعد ثلاث سنوات كان أبوه واحداً من الزعماء الجمهوريين الذين أودعهم السجن وليم الثاني أمير أورنج، رئيس الدولة، رغبة في توطيد سلطته السياسية والحربية على جميع الأقاليم. فلما مات وليم الثاني (1650) رفض المجلس التشريعي قبول ابنه الذي ولد عقب وفاته خلفاً له، ربما متأثراً في ذلك بإقامة إنجلترا حكومة جمهورية فيها (1649) بصورة بدا أن التوفيق حالفها، وألغى منصب رئيس الدولة. وأصبحت المسرحية الداخلية للأقاليم المتحدة صراعاً بين الروح التجارية الجمهورية المسالمة التي يمثلها دي ويت، والروح الأرستقراطية العسكرية التي أزمع أن يحييها بعد قليل الشاب المتحمس وليم الثالث.
وفي 21 ديسمبر 1650، انتخب جان دي ويت-وهو لا يزال في الخامسة والعشرين-كبيراً لولاة درودرشت، وممثلاً لها في المجلس التشريعي للأقاليم المتحدة. وفي فبراير 1653 عينه المجلس حاكماً أعلى للجمهورية، وناط به مهمة عسيرة هي مفاوضة إنجلترا المنتصرة على الصلح. وكان كرومويل قاسياً لا يرحم، فطالب بأن يعترف الهولنديون بالسيادة الإنجليزية ويحيوا العلم الإنجليزي في القنال الإنجليزي، وبأن يسلموا بحق القباطنة الإنجليز في تفتيش السفن الهولندية في البحر، وبأن يؤدوا رسوماً نظير امتياز الصيد في المياه الإنجليزية، وبأن يدفعوا تعويضاً عن قتل الهولنديين للإنجليز في أمبوبنا عام 1623، وبأن ينحوا بصفة دائمة عن الوظائف أو السلطة جميع أفراد بيت أورنج-الذي قطع على نفسه عهداً بأن يرد أسرة ستيوارت إلى عرش إنجلترا لما بينه وبينها من مصاهرة. وحذف