قصه الحضاره (صفحة 10772)

وتركوا صاحبها يموت في ملجأ للفقراء. واليوم يضعه بعضهم في مكان لا يفضله فيه غير بوسان بين مصوري الطبيعة في جميع العصور (43).

ثروة لا حد لها في حجرة صغيرة-رمبرانت وهالس، فرمير ورويسدال، سبينوزا وهويجنس، ترومب ودرويتر، جالن دي ويت ووليم الثالث، كلهم في زمن واحد داخل حدود ضيقة، يكدحون غير آمنين خلف الكثبان، يصونون فنون السلم وسط نذر الحرب. تلك هي هولندا في القرن السابع عشر. و"ليست العبرة بكبر الحجم".

4 - جان دي ويت

1625 - 1672

بعد أن ظفرت الأقاليم المتحدة باستقلالها عكفت عقب معاهدة وستفاليا على طلب المال واللهو والحرب. كان أهلها أقل أمم الأرض اكتفاءً بأنفسهم، فمحاصيل أرضها لا تقيم أكثر من ثمن سكانها، وحياة البلاد تعتمد على التجارة الخارجية واستغلال المستعمرات، وهذان يعتمدان على بحرية قادرة على حماية السفن والمستوطنات الهولندية. وكان تفوق أسبانيا البحري قد ولى بهزيمة الأرمادا الأسبانية، ونشرت البحرية الإنجليزية التي ازدهاها النصر قلوعها فوق أرجاء مترامية من المحيط. وما لبث التوسع التجاري الإنجليزي أن اصطدم بالسفن الهولندية والمستوطنات الهولندية في الهند وجزر الهند الشرقية، وأفريقيا، وحتى في "امستردام الجديدة" التي ستصبح نيويورك. وأحس بعض الإنجليز، الذين لم تهدأ فيهم بعد حمية هوكنز ودريك، أن هؤلاء الهولنديين الجبابرة ينبغي أن يحل محلهم بريطانيون جبابرة، وأن هذا ميسور بنصر أو نصرين بحريين. وقد ذكر إيرل كلارندون في تقرير له "أن التجار ألفوا الحديث عن الفائدة الكبرى التي يجنونها من حرب سافرة مع الهولنديين، وعن سهولة قهرهم، وعن حجم التجارة التي يمكن أن ينقلها الإنجليز بعد ذلك" (44) وراقت كرومويل الفكرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015