قصه الحضاره (صفحة 10703)

ولكن الفشل كان نصيبهما أيضاً. وأنفق كورنيي بعد ذلك السنين العشر التي بقيت له من أجله في تقوى هادئة مكتئبة.

وكان متلافاً، مات فقيراً برغم ما أجرى عليه لويس الرابع عشر من معاش وما نفحه به من هبات، وقد قطع معاشه دون قصد أربع سنوات، فلجأ كونيي إلى كولبير، فأمر برده إليه، ولكنه انقطع ثانية بعد موت كولبير. فلما نمى الأمر إلى بوالو أعلم به لويس الرابع عشر، وعرض أن ينزل عن معاشه لكورنيي. ولكن الملك بادر بإرسال مائتي جنيه للشاعر العجوز، الذي مات بعدها بقليل (1684) بالغاً الثامنة والسبعين وأبنه في الأكاديمية الفرنسية مزاحمه الذي كان قد خلفه، ورفع المسرحية والشعر الفرنسيين إلى ذروة تاريخهما، والتأبين ما زال مذكوراً لما حوى من سماحة وبلاغة.

3 - راسين

1639 - 1699

ولد مثل موليير في أسرة متوسطة. وكان أبوه مراقباً لاحتكار الدولة للملح في لافيرتي-ميلون، على نحو خمسين ميلاً شمال شرقي باريس، وكانت أمه ابنة محام في فيلييه-كوتريه. وقد ماتت عام 1641 وجان لم يبلغ الثانية بعد؛ وبعد سنة مات أبوه، فكفل الصبي جده لأبيه. وكان في الأسرة نزوع قوي إلى الجانسنية، فقد التحقت جدة وعمة لراسين بأخوات البو-رويال، وأرسل جان نفسه حين ناهز السادسة عشرة إلى "المدرسة الصغيرة" التي يديرها "المتوحدون" وقد تلقى عنهم تعليماً مركزاً في الدين واليونانية-وهما مؤثران قدر لهما أن يسيطرا الواحد بعد الآخر على حياته. واستهوته تمثيليات سوفوكليس ويوريبيديس فترجم بعضها بنفسه. ثم تعلم شيئاً من الفلسفة ومزيداً من الثقافة الكلاسيكية في كلية آركور بباريس، وأكتشف المفاتن الخفية للأنوثة الشابة، الجديد منها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015