العام، وبوسائل مماثلة، أغرى دوق ميلانو بأن ينزل لفرنسا عن مدينة كازالي وحصنها، وكانت تتحكم في الطريق بين سافوا وميلانو (?). فلما تلكأت أسبانيا في تسليم مدن الأراضي المنخفضة، أرسل لويس جيوشه من جديد إلى فلاندر وبرابانت، وتغلب على المقاومة بقذفه البلاد بالمدافع دون تمييز، وابتلع في طريقه دوقية لكسمبورج (يونيو 1684). واعترفت أسبانيا والإمبراطور مؤقتاً بهذه الفتوح بمقتضى هدنة ريجنسبورج (15 أغسطس)، لأن العثمانيين كانوا يحاصرون فيينا آنئذ. وبفضل تحالفه مع ناخب كولونيا مد لويس في الواقع سلطته إلى الراين. فتحقق بهذا جزء من طموح فرنسا للوصول إلى حدودها الطبيعية.
ذلك كان الأوج الذي بلغه "الملك الشمس". فلم يحدث أن ظفرت فرنسا بمثل هذا الاتساع في الرقعة ولا بمثل هذه السطوة منذ عهد شارلمان. وأقيمت المهرجانات الضخمة الغالية احتفالاً بانتصارات الملك. ولقبه مجلس باريس رسمياً بلويس العظيم. (1680) ورسمه لبرون في صورة إله على أقبية فرساي، وزعم لاهوتي أن انتصارات لويس أثبتت وجود الله (127). أما جماهير الشعب فقد مجدت حاكمها وسط فقرها المدقع، وتاهت فخراً بمنعته الواضحة، وأطراه حتى الأجانب، لأنهم رأوا في حملاته شيئاً من المنطق الجغرافي، وحياة الفيلسوف لايبنتز "ذلك الملك العظيم الذي هو مفخرة زماننا غير منازع، والذي ستتوق الأجيال القادمة إلى نظيره عبثاً (128) "، وإلى الشمال من جبال الألب والبرانس، وإلى الغرب من الفستولا، بدأت أوربا المثقفة تتحدث بلغته وتقلد بلاطه وفنونه وأساليبه. لقد بلغت الشمس الأوج.