إلى السلطة: الأشراف الذين عللوا أنفسهم باسترجاع امتيازاتهم الإقطاعية السابقة على حساب الملكية و"البرلمانات" التي تطلعت لإحالة الحكومة إلى أوليجاركية من المحامين. إزاء هاتين القوتين-"أرستقراطية السيف" العريقة، و"أرستقراطية الرداء" الأحدث عهداً-التمست الملكة درعاً لها في عناد مازاران المقترن بالمرونة والدهاء. وقد بذل أعداؤه محاولتين عنيفتين لخلعه والسيطرة عليها، والمحاولتان تؤلفان حرب الفروند.
بدأ برلمان باريس حرب الفروند الأولى (1648 - 49) محاولاً أن يكرر في فرنسا تلك الحركة التي كانت لتوها قد رفعت البرلمان الإنجليزي فوق الملك مصدراً للقانون وحكماً فيه. وكان برلمان باريس، بعد الملك، المحكمة العليا لفرنسا، وقد قضت التقاليد ألا يقبل الشعب قانوناً أو ضريبة إلا إذا سجل هؤلاء الموظفون القضائيون (وكلهم تقريباً محامون) القانون أو الضريبة. وكان ريشليو قد اختزل هذه السلطات أو تجاهلها، فصمم البرلمان الآن على تأكيدها. وأحس أن قد آن الأوان لجعل الملكية الفرنسية ملكية دستورية، خاضعة للإرادة القومية يعبر عنها مجلس نيابي. ولكن برلمانات فرنسا الاثني عشر لم تكن مجالس تشريعية انتخبتها الأمة كما كانت الحل في برلمان إنجلترا، بل هيئات قضائية وإدارية ورث أعضاؤها مقاعدهم أو وظائفهم القضائية عن آبائهم، أو عينهم الملك فيها. ولو أن حرب الفروند الأولى كتب لها الفوز لاستحالت فرنسا إلى أرستقراطية من المحامين. وكان في الإمكان تطوير مجلس طبقات الأمة، المؤلف من مندوبين عن الطبقات الثلاث-النبلاء ورجال الدين باقي الشعب-إلى مجلس نيابي يكبح جماح الملكية، ولكن مجلس الطبقات لم يكن يملك دعوته للانعقاد إلا الملك، ولم يدعه أي ملك من 1614، ولن يدعوه حتى 1789، ومن هنا اندلاع الثورة الفرنسية.
على أن برلمان باريس تحول إلى هيئة نيابية بصورة غير مباشرة، مؤقتاً، يوم اجترأ أعضاؤه على الكلام نيابة عن الأمة، فنرى أومير تالون، في