جميلة في فن البناء، يمتد 1164 مع طريق عريض ممهد؛ وممر مقنطر على الجانبين للمشاة؛ وكانت المدينة الجديدة تروى ويبرد بواسطة القنوات والخزانات والنافورات والشلالات. وكان التصميم في مجموعه قطعة رائعة في تخطيط المدن، تضارع أروع ما عرفه ذاك العصر في أي مكان آخر (23).
وعندما زار الرسام الفرنسي سيمون أصفهان (1673) دهش عند رؤية حاضرة على مثل هذا النسق في الإدارة والتجارة والصناعات والفنون تحوطها 1500 قرية، ويسكنها 300 ألف نسمة. وكان بالمدينة وضواحيها 162 مسجداً و48 كلية و273 حماماً عاماً و1800 خان (فندق صغير). ووصف تافرنييه أصفهان عندما رآها في 1664 بأنها تضارع باريس في الاتساع ولكن سكانها يبلغون عشر سكان العاصمة الفرنسية، لأن أسرة في أصفهان كان لها بيتها وحديقتها، وأن الأشجار كانت كثيرة إلى حد أنها بدت "غابة لا مدينة" (24) أنها صورة جميلة لولا أن تافرنييه يستطرد فيقول: "وأمام كل بيت حوض تلقي فيه كل أسرة فضلات بطونها. ثم يأتي الفلاحون يومياً ليحملوها ليستخدموها في تسميد أراضيهم، ولا بد أن تقابل في كل البيوت فتحات في الجدران تطل على الشارع. يقبع فيها الناس، ولا يخجلون من المخاط والتبول على مرأى من الدنيا بأسرها" (25).
وكان الشاه عباس يدرك تمام الإدراك أن أوربا الغربية تحمد له شغله الأتراك في الشرق، فأرسل سير أنتوني شيرلي في بعثة لإقامة العلاقات بينه وبين الحكومات المسيحية، وفتح الطريق أمام صادرات فارس من الحرير دون تدخل الوسطاء الأتراك. وعندما قدم المندوبون الأوربيون إلى أصفهان أكرم وفادتهم وأباح الحرية الدينية. وكان قد أسر خمسة آلاف من الأرمن أثناء حروبه مع تركيا، فلم يستعبدهم، ولكن أباح لهم النهوض بمقرهم في جولفا بالقرب من أصفهان، وأفاد من نشاطهم التجاري ومن مهاراتهم. وهناك شادوا كنيستهم الخاصة بهم وزينوها بخليط من الصور المقدسة