وقد كان للشعراء الحجازيين نصيب في هذا اللون من الهجاء؛ يقول المزرد بن ضرار الذبياني "أخو الشماخ":

يهزون عرضي بالمغيب ودونه ... لقرمهم مندوحة ومآكل

على حين أن جربت واشتد جانبي ... وأنبح مني رهبة من أناضل

وجاوزت رأس الأربعين فأصبحت ... قناتي لا يلفى لها الدهر عادل

فقد علموا من سالف الدهر أنني ... معن إذا جد الجراء ونابل

زعيم لمن قاذفته بأوابد ... يغني بها الساري وتحدى الرواحل

مذكرة تلقى كثيرا رواتها ... ضواح لها في كل أرض أزامل

تكر فلا تزداد إلا استنارة ... إذا رازت الشعر الشفاه العوامل

فمن أرمه منها ببيت يلح به ... كشامة وجه ليس للشام غاسل

كذاك جزائي في الهدي وإن أقل ... فلا البحر منزوح ولا الصوت صاحل1

كان المزرد فارسا مشهورا، وكان هجاء خبيث اللسان، حلف: لا ينزل به ضيف إلا هجاه، ولا يتنكب بيته إلا هجاه، إلا أنه أدرك الإسلام فأسلم. ويبدو أنه أقلع عن الهجاء أخيرا؛ لقوله فيما نقل صاحب اللسان "4/ 484" عن ابن السكيت:

تبرأت من شتم الرجال بتوبة ... إلى الله مني لا ينادى وليدها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015