فكرة التدين، إلى جزالته وفصاحته ومتانة أسلوبه في عذوبة، وقد ترتفع العذوبة إلى منزلة عالية في البلاغة.

وتتمثل كذلك في الشعر الحجازي -في الأغلب- عفة اللفظ وشرف المعنى ونبل الغرض، فلم يفحش كثير من الشعراء الحجازيين في قول, ولم يسفوا في بيان، ولم ينزلوا عن مستواهم الرفيع في شرفهم وحسبهم ومنزلتهم الاجتماعية العالية، ويضاف إلى ذلك الطبع وعدم التعجل في التكلف في شعر شعراء الحجاز عامة، إلى العذوبة والرقة في شعر شعراء الحواضر.

ولقد كان الشعر الحجازي ممثلا للفكر العربي بما فيه من طموح ومن قوة، ومن شرف وعزة وإباء، وتطلع وحيرة، ومعرفة وخبرة وتجربة، ففيه الكثير من معارف العرب وآرائهم في الحياة، وفهمهم لها، وإدراكهم للتاريخ، مما سيتجلى في حديثنا عن الشعراء الحجازيين.

ويرى ابن سلام أن شعر قريش كان قليلا في الجاهلية1 لقلة حروبهم ... وقد يرد على هذا بعام الفيل وما ورد فيه من شعر كثير2، وبالخصومات الكثيرة بين القبائل الحجازية، مما كانت الأيام الحجازية أثرا لها، وبالخصومات التي وقعت بين الرسول وأعداء الإسلام.

ومن شعراء قريش في العصر الجاهلي: زيد بن عمرو بن نفيل العدوي، ونبيه بن الحجاج، وابن الزبعرى، وعمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي، وعدي بن نوفل، وورقة بن نوفل، وأميمة بنت عبد شمس بن عبد مناف، ومسافر بن أبي عمرو بن أمية، وأبو سفيان3.

وبعد, فهذه فكرة عامة عن الشعر الحجازي في العصر الجاهلي. أما الحديث المفصل عن هذا الشعر فسينتظم الفصول والأبواب الآتية، وسنبدأ في الباب التالي بتمحيص الشعر الحجازي الجاهلي؛ حتى تستقيم دراستنا على أسس ثابتة، إن شاء الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015