كان الشيخ يفكر في هذا فيألم لما صارت إليه حال المسلمين، ثم يذكر بأن الله هو ملهم الخير ومصرف الأرزاق، فيحمده حمد رجل مؤمن راض.
وأمضى ليلته الرابعة بلا طعام لأنه ترك التمرات والكسيرات للعجوز والبنات يتبلغن بها.
* * *
قال الطبري:
«فلما كان من الغد سمعت الخراساني يقول: معاشر الحاج ووفد الله من حاضر وباد، من وجد همياناً فيه ألف دينار ورده أضعف الله له الثواب. فقام الشيخ إليه فقال: يا خراساني، قد قلت لك بالأمس ونصحتك، وبلدنا والله فقير قليل الزرع والضرع، وقد قلتُ لك أن تدفع إلى واجده مئة دينار فلعله يقع في يد رجل مؤمن يخاف الله عز وجل، فامتنعت. فاجعل له عشرة دنانير منها فيرده عليك ويكون له في العشرة ستر وصيانة.
فقال له الخراساني: يابا! لا نفعل، ولكن نحيله على الله عز وجل.
ثم افترقا.
فلما كان اليوم الذي بعده سمعت الخراساني ينادي ذلك النداء بعينه، فقام إليه الشيخ فقال: يا خراساني، قلت لك أول أمس العُشر منه، وقلت لك أمس عُشر العُشر عشرة دنانير فلم