كانت «مارييت» تدور في البيت، ما تستطيع أن تستقر من جزعها على زوجها وإشفاقها أن يصيبه مكروه، تضم ولدها الرضيع إلى صدرها تناجيه وتناغيه، ثم يدركها اليأس، ويخيل إليها أنه قد غدا يتيماً لا أب له، فَتَسّاقط الدموع من عينيها على وجه الطفل فيفيق مذعوراً ويبكي، فتمتزج دمعة الحب بدمعة الطفولة.
وكان زوجها قد خرج من الغداة لرد الأعداء المسلمين عن بيت المقدس، ومالت الشمس ولم يعد، ولم تعرف ماذا حل به.
وكانت مارييت فتاة باسلة ثابتة الجنان. لم تكن تعرف الخوف ولا تخلع الحوادث فؤادها، ولكن وقعة حطين لم تدع لشجاع من الإفرنج قلباً، ولم تترك لفارس فيهم مأملاً في نصر؛ فقد طحنت جيوشهم طحناً، وعركتها عرك الرحى، وزعزعت قلوب الكماة عن مواضعها. فكيف بقلوب الغيد الحسان؟
وكان زوج مارييت فارس الحلبة وبطل القوم، وكان قد رأى البنات من الإفرنج والألمان والإنكليز (وكل أمة في أوربة) يملأن