عبد الملك وارتاعت منها وتهيبتها، فآنستها فاطمة حتى اطمأنت إليها وأنست بها، فقالت لها: يا سيدتي، ألا تتسترين عن هذا الطيان؟ فابتسمت فاطمة وقالت: هذا الطيان هو أمير المؤمنين!
وجاءه في خلافته بيّاع قماش يعرض عليه ثوباً ثمنه ثمانية دراهم، فقال عمر: إنه حسن لولا أنه أنعم مما ينبغي! فقال الرجل: لقد جئتك وأنت أمير المدينة بثوب ثمنة خمسة آلاف درهم، فقلت لي: إنه حسن لولا أنه خشن!
ومرض الخليفة مرة، وكان عليه قميص وسخ، فدخل مسلمة بن عبد الملك على أخته فقال لها: يا فاطمة، اغسلوا قميص أمير المؤمنين. قالت: نعم. فعاد من الغد فإذا هو لم يُغسل، فقال: يا فاطمة، اغسلوا قميص أمير المؤمنين، فإن الناس يدخلون عليه. قالت: والله ما له قميص غيره!
ولم يدع من الخدم إلا غلاماً صغيراً، كان هو الخادم الوحيد في قصر الخلافة، فوضعت له فاطمة الطعام يوماً فضجر الخادم وتبرم وقال: عدس، عدس! كل يوم عدس! قالت فاطمة: يا بني، هذا طعام مولاك أمير المؤمنين!
واشتهى الخليفة يوماً العنب فقال: يا فاطمة، أعندك درهم نشتري به عنباً؟ قالت: أنت أمير المؤمنين ولا تقدر على درهم تشتري به عنباً؟ قال: يا فاطمة، ما بقي لي إلا هذه القطعة من الأرض، وريعها لا يكاد يقوم بحاجاتي، والصبر على هذا أهون من الصبر على نار جهنم!