قصص من التاريخ (صفحة 132)

قالت: وماذا أنت صانع؟

قال: إن هذه الأموال التي تحت أيدينا، وتحت أيدي إخوتك وأقربائك، قد أُخذت كلها من أموال المسلمين، وقد عزمت على نزعها منهم وردّها إلى المسلمين. وأنا بادئ بنفسي، ولن أستبقي إلا قطعة أرض لي اشتريتها من كسبي، وسأعيش منها وحدها. فإن كنت لا تصبرين على الضيق بعد السعة فالحقي بدار أبيك!

قالت: وما الذي حملك على هذا؟

قال: يا فاطمة، إن لي نفساً توّاقة، ما نالت شيئاً إلا اشتهت ما هو خير منه، اشتهيت الإمارة، فلما نلتها اشتهيت الخلافة، فلما نلتها اشتهيت ما هو خير منها؛ وهو الجنة!

* * *

ترى لو أن تاجراً موسراً، أو موظفاً كبيراً يسكن في القصر الفخم في الشارع الكبير وفي داره نفائس التحف وروائع الفرش، ثم أراد أن يتخلى عن ذلك كله لله، هل يجد زوجة توافقه على ذلك وترضى به، وتعيش معه في غرفتين فارغتين في حارة ضيقة، وتأكل معه الحمص والفول بعد المائدة الحافلة، وتمشي على رجليها بدل سيارة الكاديلاك الخاصة؟

لا أظن أن زوجة ترضى بهذا اليوم. أما فاطمة التي انفردت بين نساء التاريخ جميعاً بأنها بنت ملك وزوجة ملك وأخت أربعة ملوك، يحكم كل منهم عشرين دولة من دول هذه الأيام ... فاطمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015