قصص الانبياء (صفحة 755)

فَرَجَعُوا فَعَمَرُوهَا وَفَتَحَ اللَّهُ لِأَرْمِيَا عَيْنَيْهِ فَنَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَيْفَ تُبْنَى وَكَيْفَ

تُعَمَّرُ، وَمَكَثَ فِي نَوْمِهِ ذَلِكَ حَتَّى تَمَّتْ لَهُ مِائَةُ سَنَةٍ.

ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ وَهُوَ لَا يَظُنُّ أَنَّهُ نَامَ أَكْثَرَ مِنْ سَاعَةٍ وَقَدْ عَهِدَ الْمَدِينَةَ خَرَابًا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا عَامِرَةً آهِلَةً قَالَ: أعلم أَن الله على كل شئ قَدِيرٌ.

قَالَ: فَأَقَامَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِهَا وَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَمْرَهُمْ فَمَكَثُوا كَذَلِكَ حَتَّى غَلَبَتْ عَلَيْهِمُ الرُّومُ فِي زَمَنِ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا سُلْطَانٌ يَعْنِي بَعْدَ ظُهُورِ النَّصَارَى عَلَيْهِمْ.

هَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَارِيخِهِ عَنْهُ (?) وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ لِهْرَاسْبَ كَانَ مَلِكًا عَادِلًا سَائِسًا لِمَمْلَكَتِهِ قَدْ دَانَتْ لَهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالْمُلُوكُ وَالْقُوَّادُ وَأَنَّهُ كَانَ ذَا رَأْيٍ جَيِّدٍ فِي عِمَارَةِ الْأَمْصَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْمَعَاقِلِ، ثُمَّ لَمَّا ضَعُفَ (?) عَنْ تَدْبِيرِ الْمَمْلَكَةِ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ وَنَيِّفٍ نَزَلَ عَنِ الْمُلْكِ لِوَلَدِهِ بَشْتَاسِبَ، فَكَانَ فِي زَمَانِهِ ظُهُور دين الْمَجُوسِيَّة وَذَلِكَ أَن رجلا اسْمه زردشت (?) كَانَ قَدْ صَحِبَ أَرْمِيَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَغْضَبَهُ فَدَعَا عَلَيْهِ أرميا عَلَيْهِ السَّلَام فبرص زردشت فَذَهَبَ فَلَحِقَ بِأَرْضِ أَذْرَبِيجَانَ وَصَحِبَ بَشْتَاسِبَ فَلَقَّنَهُ دِينَ الْمَجُوسِيَّةِ الَّذِي اخْتَرَعَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَقَبِلَهُ مِنْهُ بَشْتَاسِبُ وَحَمَلَ النَّاسَ عَلَيْهِ وَقَهَرَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلَقَا كَثِيرًا مِمَّنْ أَبَاهُ مِنْهُمْ.

ثمَّ كَانَ بعد بشتاسب بهمن بْنُ بَشْتَاسِبَ وَهُوَ مِنْ مُلُوكِ الْفُرْسِ الْمَشْهُورِينَ والابطال الْمَذْكُورين وَقد نَاب بخْتنصر لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَعَمَّرَ دَهْرًا طَويلا قبحه الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015