دَخَلَهَا وَهُوَ رَاكِبٌ نَاقَتَهُ، وَهُوَ مُتَوَاضِعٌ حَامِدٌ شَاكر، حَتَّى إِن عثنونه - طَرَفُ لِحْيَتِهِ - لَيَمَسُّ مَوْرِكَ (?) رَحْلِهِ، مِمَّا يُطَأْطِئُ رَأسه خضعانا لله عزوجل وَمَعَهُ الْجُنُودُ وَالْجُيُوشُ مِمَّنْ لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا الحدق، وَلَا سِيَّمَا الْكَتِيبَةُ الْخَضْرَاءُ الَّتِي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ لَمَّا دَخَلَهَا اغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ وَهِيَ صَلَاةُ الشُّكْرِ على النَّصْر، على الْمَشْهُور (?) من قَول الْعُلَمَاءِ.
وَقِيلَ إِنَّهَا صَلَاةُ الضُّحَى، وَمَا حَمَلَ هَذَا الْقَائِلَ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا إِلَّا لِأَنَّهَا وَقَعَتْ وَقْتَ الضُّحَى.
وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَإِنَّهُمْ خالفوا مَا أمروا بِهِ قولا وفعلا، فَدَخَلُوا الْبَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أسْتَاهِهِمْ [وَهُمْ (?) ] يَقُولُونَ: حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ (?) ، وَفِي رِوَايَةٍ: حِنْطَةٌ فِي شَعْرَةٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ بَدَّلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَاسْتَهْزَءُوا بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْهُمْ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ " وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ
وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ، وَقُولُوا حِطَّةٌ، وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رجزا من السَّمَاء بِمَا كَانُوا يظْلمُونَ (?) ".
وَقَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ مُخَاطِبًا لَهُمْ: " وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ، نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يفسقون ".