أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي جَمْعِ الْأَمْوَالِ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ الْكِيمْيَاءَ تخييل وصنعة، لَا تُحِيلُ الْحَقَائِقَ، وَلَا تُشَابِهُ صَنْعَةَ الْخَالِقِ (?) .
وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ لَا يَصْعَدُ الدُّعَاءُ بِهِ مِنْ كَافِرٍ بِهِ، وَقَارُونُ كَانَ كَافِرًا فِي الْبَاطِنِ مُنَافِقًا فِي الظَّاهِرِ.
ثُمَّ لَا يَصِحُّ جَوَابُهُ لَهُمْ بِهَذَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَلَا يَبْقَى بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ تَلَازُمٌ، وَقَدْ وَضَّحْنَا هَذَا فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
* * * قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " فَخرج على قومه فِي زينته " ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ، مِنْ مَلَابِسَ وَمَرَاكِبَ وَخَدَمٍ وَحَشَمٍ.
فَلَمَّا رَآهُ مَنْ يُعَظِّمُ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا تَمَنَّوْا أَنْ لَوْ كَانُوا مِثْلَهُ، وَغَبَطُوهُ بِمَا عَلَيْهِ وَلَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَتَهُمُ الْعُلَمَاءُ، ذَوُو الْفَهْمِ الصَّحِيحِ الزُّهَّادُ الْأَلِبَّاءُ، قَالُوا لَهُمْ: " وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا " أَيْ ثَوَابُ اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأَجَلُّ وَأَعْلَى.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " وَلَا يلقاها إِلَّا الصَّابِرُونَ " أَيْ وَمَا يُلْقَى هَذِهِ النَّصِيحَةَ وَهَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَهَذِهِ الْهِمَّةَ السَّامِيَةَ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ الْعَلِيَّةِ، عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى زَهْرَةِ هَذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ [إِلَّا مِنْ هَدَى اللَّهُ قَلْبَهُ وَثَبَّتَ فُؤَادَهُ، وَأَيَّدَ لُبَّهُ وَحَقَّقَ مُرَادَهُ (?) ] .
وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ وُرُودِ الشُّبُهَاتِ، وَالْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّهَوَاتِ! قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المنتصرين ".