وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى * كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتٍ مَا رَزَقْنَاكُمْ، وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي، وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى * وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالحا ثمَّ اهْتَدَى " (?) يَذْكُرُ تَعَالَى مِنَّتَهُ وَإِحْسَانَهُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا أَنْجَاهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَخَلَّصَهُمْ مِنَ الضِّيقِ والحرج وَأَنه وعدهم صُحْبَة نَبِيّهم إِلَى جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ أَيْ مِنْهُمْ، لِيُنَزِّلَ عَلَيْهِ أَحْكَامًا عَظِيمَةً فِيهَا مُصْلِحَةٌ لَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ وَأَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ شِدَّتِهِمْ وَضَرُورَتِهِمْ فِي سَفَرِهِمْ (?) فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ، مِنَّا مِنَ السَّمَاءِ، يُصْبِحُونَ فَيَجِدُونَهُ خِلَالَ بُيُوتِهِمْ، فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ قَدْرَ حَاجَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْغَدِ، وَمَنِ ادَّخَرَ مِنْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَسَدَ، وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ قَلِيلًا كَفَاهُ، أَوْ كَثِيرًا لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ، فَيَصْنَعُونَ مِنْهُ مِثْلَ الْخُبْزِ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبَيَاضِ
وَالْحَلَاوَةِ، فَإِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ (?) النَّهَارِ غَشِيَهُمْ طير السلوى، فيقتنصون مِنْهَا (?) بِلَا كُلْفَةٍ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ حَسَبَ كِفَايَتِهِمْ لِعَشَائِهِمْ.
وَإِذَا كَانَ فَصْلُ الصَّيْفِ ظَلَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ، وَهُوَ السَّحَابُ الَّذِي يَسْتُرُ عَنْهُمْ حر الشَّمْس وضوءها الباهر، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: " يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ، وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ، وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فاتقون "