وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بن زَاذَان وَلَيْسَ بِمَعْرُوف (?) ، وَعَن أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: " قَالَ لي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: يَا مُحَمَّدُ لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أُغَطُّهُ وَأَدُسُّ مِنَ الْحَالِ فِي فِيهِ، مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ فَيَغْفِرَ لَهُ! " يَعْنِي فِرْعَوْنَ.
وَقَدْ أَرْسَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ كَإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَقَتَادَةَ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَيُقَالُ إِنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ خَطَبَ بِهِ النَّاسَ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: مَا بَغَضْتُ أَحَدًا بُغْضِي لِفِرْعَوْنَ حِينَ قَالَ: " أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى " وَلَقَدْ جَعَلْتُ أَدُسُّ فِي فِيهِ الطِّينَ حِينَ قَالَ مَا قَالَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: " آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ المفسدين " اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، وَنَصٌّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ تَعَالَى مِنْهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لَوْ رُدَّ إِلَى الدُّنْيَا كَمَا كَانَ لَعَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ إِذَا عَايَنُوا النَّارَ وَشَاهَدُوهَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: " يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ من الْمُؤمنِينَ " قَالَ الله: " بل بدالهم مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ، وَلَوْ رُدُّوا لعادوا لما نهوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ ".
وَقَوْلُهُ " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ": قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: شَكَّ بَعْضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي مَوْتِ فِرْعَوْنَ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ لَا يَمُوتُ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَرَفَعَهُ عَلَى مُرْتَفَعٍ، قِيلَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَقِيلَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ دِرْعُهُ الَّتِي يعرفونها