كَمَا قَالَ لرَسُوله: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن (?) "، وَقَالَ تَعَالَى: " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمُ (?) ".
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: " فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا " أَعْذِرَا إِلَيْهِ، قَوْلًا لَهُ: إِنَّ لَكَ رَبًّا وَلنَا مَعَادًا، وَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ جَنَّةً وَنَارًا.
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: قُولَا لَهُ: إِنِّي إِلَيَّ الْعَفْوُ وَالْمَغْفِرَةُ أَقْرَبُ مِنِّي إِلَى الْغَضَبِ وَالْعُقُوبَةِ.
قَالَ يزِيد الرقاشِي عِنْد هَذِه الْآيَة: يامن يَتَحَبَّبُ إِلَى مَنْ يُعَادِيهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَتَوَلَّاهُ وَيُنَادِيهِ؟ ! " قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ علينا أَو أَن يطغى "، وَذَلِكَ أَن فِرْعَوْن كَانَ جبارا عنيدا وشيطانا مَرِيدًا، لَهُ سُلْطَانٌ فِي بِلَادِ مِصْرَ طَوِيلٌ عَرِيضٌ، وَجَاهٌ وَجُنُودٌ، وَعَسَاكِرُ وَسَطْوَةٌ، فَهَابَاهُ مِنْ حَيْثُ الْبَشَرِيَّةُ، وَخَافَا أَنْ يَسْطُوَ عَلَيْهِمَا فِي بَادِئِ الْأَمْرِ، فَثَبَّتَهُمَا تَعَالَى وَهُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى فَقَالَ: " لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى "، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: " إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ ".
" فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى * إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ على من كذب وَتَوَلَّى " يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ أَمَرَهُمَا أَنْ يَذْهَبَا
إِلَى فِرْعَوْنَ فَيَدْعُوَاهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَنْ يَعْبُدَهُ وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن يُرْسل