قصص الانبياء (صفحة 449)

وَالَّتِي كَانَ فِرْعَوْنُ أَرَادَ اخْتِبَارَ عَقْلِهِ، حِينَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَهَمَّ بِقَتْلِهِ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ آسِيَةُ وَقَالَتْ: إِنَّهُ طِفْلٌ، فَاخْتَبَرَهُ بِوَضْعِ تَمْرَةٍ وَجَمْرَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَمَّ بِأَخْذِ التَّمْرَةِ فَصَرَفَ الْمَلَكُ يَدَهُ إِلَى الْجَمْرَةِ، فَأَخَذَهَا فَوَضَعَهَا عَلَى لِسَانِهِ فَأَصَابَهُ لُثْغَةٌ بِسَبَبِهَا.

فَسَأَلَ زَوَالَ بَعْضِهَا بِمِقْدَارِ مَا يَفْهَمُونَ قَوْلَهُ، وَلَمْ يَسْأَلْ زَوَالَهَا بِالْكُلِّيَّةِ.

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَالرُّسُلُ إِنَّمَا يَسْأَلُونَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَلِهَذَا بَقِيَتْ فِي لِسَانِهِ بَقِيَّةٌ.

وَلِهَذَا قَالَ فِرْعَوْنُ، قَبَّحَهُ اللَّهُ، فِيمَا زَعَمَ إِنَّهُ يَعِيبُ بِهِ الْكِلِيمَ: " وَلَا يَكَادُ يُبِينُ " أَيْ يُفْصِحُ عَنْ مُرَادِهِ، وَيُعَبِّرُ عَمَّا فِي ضَمِيرِهِ وَفُؤَادِهِ.

ثُمَّ قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: " وَاجعَل لي وزيرا من أَهلِي * هرون أخي * اشْدُد بن أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا *

وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا * قَالَ قد أُوتيت سؤلك يَا مُوسَى " (?) أَيْ قَدْ أَجَبْنَاكَ إِلَى جَمِيعِ مَا سَأَلْتَ، وَأَعْطَيْنَاكَ الَّذِي طَلَبْتَ.

وَهَذَا مِنْ وَجَاهَتِهِ عِنْدَ ربه عزوجل، حِينَ شَفَعَ أَنْ يُوحِيَ اللَّهُ إِلَى أَخِيهِ فَأَوْحَى إِلَيْهِ.

وَهَذَا جَاهٌ عَظِيمٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " وَكَانَ عِنْد الله وجيها ".

وَقَالَ تَعَالَى: " وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هرون نَبيا " (?) .

وَقَدْ سَمِعَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رَجُلًا يَقُولُ لاناس وهم سائرون فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015