قصص الانبياء (صفحة 433)

سِوَاهُ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَائِلَ هَذَا هُوَ الْقِبْطِيُّ، وَأَنَّهُ لَمَّا رَآهُ مُقْبِلًا إِلَيْهِ خَافَهُ، وَرَأَى من سجيته انتصارا جَدِيدا (?) لِلْإِسْرَائِيلِيِّ.

فَقَالَ مَا قَالَ مِنْ بَابِ الظَّنِّ وَالْفِرَاسَةِ: أَنَّ هَذَا لَعَلَّهُ قَاتِلُ ذَاكَ الْقَتِيلِ بِالْأَمْسِ، أَوْ لَعَلَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْإِسْرَائِيلِيِّ حِينَ اسْتَصْرَخَهُ عَلَيْهِ مَا دَلَّهُ عَلَى هَذَا.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فِرْعَوْنَ بَلَغَهُ أَنَّ مُوسَى هُوَ قَاتِلُ ذَلِكَ الْمَقْتُولِ بِالْأَمْسِ فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ.

وَسَبَقَهُمْ رَجُلٌ نَاصِحٌ مِنْ طَرِيقٍ أقرب.

" وَجَاء من أقْصَى الْمَدِينَة " ساعيا إِلَيْهِ مشفقا عَلَيْهِ فَقَالَ: " يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُج " أَيْ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ " إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ " أَيْ فِيمَا أَقُولُهُ لَكَ.

* * * قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " فَخرج مِنْهَا خَائفًا يترقب "، أَيْ فَخَرَجَ مِنْ مَدِينَةِ مِصْرَ مِنْ فَوْرِهِ [عَلَى وَجْهِهِ] (?) لَا يَهْتَدِي إِلَى طَرِيقٍ وَلَا يَعْرِفُهُ، قَائِلًا: " رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ * وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ * وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ، قَالَ مَا خَطْبُكُمَا؟ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ، وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ، فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيّ من خير فَقير ".

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ خُرُوجِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَكَلِيمِهِ مِنْ مِصْرَ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ،

أَيْ يَتَلَفَّتُ، خَشْيَةَ أَنْ يُدْرِكَهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ، وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، وَلَا إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِصْرَ قبلهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015