" وَلما بلغ أشده واستوى آتيناه حكماو علما، وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ: هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ، فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ، فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ، قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ " لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَنْعَمَ عَلَى أُمِّهِ برده لَهَا وَإِحْسَانِهِ بِذَلِكَ وَامْتِنَانِهِ عَلَيْهَا، شَرَعَ فِي ذِكْرِ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى، وَهُوَ احْتِكَامُ الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، وَهُوَ سِنُّ الْأَرْبَعِينَ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ، آتَاهُ اللَّهُ حُكْمًا وَعِلْمًا، وَهُوَ النُّبُوَّةُ والرسالة الَّتِى [كَانَ (?) ] بشر بهَا أمه حِين قَالَ: " إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ".
ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ سَبَبِ خُرُوجِهِ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ، وَذَهَابِهِ إِلَى أَرْضِ مَدْيَنَ وَإِقَامَتِهِ هُنَالِكَ، حَتَّى كَمَلَ الْأَجَلُ وَانْقَضَى الْأَمَدُ، وَكَانَ مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ لَهُ، وَإِكْرَامِهِ بِمَا أَكْرَمَهُ بِهِ.
كَمَا سَيَأْتِي.
قَالَ تَعَالَى: " وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَة والسدى: وَلذَلِك نصف النَّهَار، وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ: بَيْنَ الْعِشَائَيْنِ.
" فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يقتتلان " أَي يتضاربان ويتهارشان " هَذَا من