قصص الانبياء (صفحة 361)

اللَّهُ تَعَالَى: " كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك " أَيْ لَوْلَا اعْتِرَافُهُمْ بِأَنَّ جَزَاءَهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ، لَمَا كَانَ يَقْدِرُ يُوسُفُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُمْ فِي سِيَاسَةِ مَلِكِ مِصْرَ، " إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ من نشَاء " أَيْ فِي الْعِلْمِ " وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عليم ".

وَذَلِكَ لِأَنَّ يُوسُفَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ، وَأَتَمَّ رَأْيًا وَأَقْوَى عَزْمًا وَحَزْمًا، وَإِنَّمَا فَعَلَ مَا فَعَلَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مَصْلَحَةٌ عَظِيمَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ: مِنْ قُدُومِ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ عَلَيْهِ وَوُفُودِهِمْ إِلَيْهِ.

فَلَمَّا عَايَنُوا اسْتِخْرَاجَ الصُّوَاعِ مِنْ حِمْلِ بِنْيَامِينَ " قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخ لَهُ من قبل " يَعْنُونَ يُوسُفَ.

قِيلَ كَانَ قَدْ سَرَقَ صَنَمَ جَدِّهِ

أَبِي أُمِّهِ فَكَسَرَهُ.

وَقِيلَ كَانَتْ عَمَّتُهُ قَدْ عَلَّقَتْ عَلَيْهِ بَيْنَ ثِيَابِهِ وَهُوَ صَغِيرٌ منْطقَة كَانَت لاسحق، ثمَّ استخرجوها من بَين ثِيَابه وَهُوَ لايشعر بِمَا صَنَعَتْ، وَإِنَّمَا أَرَادَتْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهَا وَفِي حَضَانَتِهَا لِمَحَبَّتِهَا لَهُ.

وَقِيلَ كَانَ يَأْخُذُ الطَّعَامَ مِنَ الْبَيْتِ فَيُطْعِمُهُ الْفُقَرَاءَ.

وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

فَلِهَذَا: " قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفسه " وَهِيَ كَلِمَتُهُ بَعْدَهَا، وَقَوْلُهُ: " أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَالله أعلم بِمَا تصفون " أَجَابَهُمْ سِرًّا لَا جَهْرًا، حِلْمًا وَكَرَمًا وَصَفْحًا وعفوا، فَدَخَلُوا مَعَه فِي الترفق وَالتَّعَطُّفِ فَقَالُوا: " يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبَا شيخ كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ، إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ " أَي إِن أطلقنا الْمُتَّهم وأخذنا البرئ، وَهَذَا مَالا نَفْعَلُهُ وَلَا نَسْمَحُ بِهِ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015