إِنَّك لانت الْحَلِيم الرشيد " فَنَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ الصَّيْحَةَ الَّتِي هِيَ كَالزَّجْرِ عَن تعاطى هَذَا الْكَلَام الْقَبِيح، الذى واجهوا بِهِ هَذَا الرَّسُولَ الْكَرِيمَ الْأَمِينَ الْفَصِيحَ، فَجَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ (?) أَسْكَتَتْهُمْ [مَعَ رَجْفَةٍ أَسْكَنَتْهُمْ (?) ] .
وَأَمَّا فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ: فَذَكَرَ أَنَّهُ أَخَذَهُمْ عَذَابُ [يَوْمِ (?) ] الظلمَة، وَكَانَ ذَلِك إِجَابَة لما طلبُوا، تَقْرِيبًا إِلَى مَا إِلَيْهِ رَغِبُوا، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: " إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ ربى أعلم بِمَا تَعْمَلُونَ ".
قَالَ الله تَعَالَى وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم: " فَكَذبُوهُ فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلمَة إِنَّه كَانَ عَذَاب يَوْم عَظِيم ".
وَمَنْ زَعَمَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ [كَقَتَادَةَ (?) ] وَغَيْرِهِ: أَنَّ أَصْحَابَ الْأَيْكَةِ أُمَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ أَهْلِ مَدْيَنَ، فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ.
وَإِنَّمَا عُمْدَتُهُمْ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: " كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُم شُعَيْب " وَلَمْ يَقُلْ أَخُوهُمْ كَمَا قَالَ: " وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُم شعيبا ".
وَالثَّانِي: أَنَّهُ ذَكَرَ عَذَابَهُمْ بِيَوْمِ الظُّلَّةِ، وَذَكَرَ فِي أُولَئِكَ الرَّجْفَةَ أَوِ الصَّيْحَةَ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْأُخُوَّةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: " كذب أَصْحَاب