وَيَزْعُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لما ركب [فِي (?) ] السَّفِينَةَ - كَانَ عُمُرُهُ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ.
وَقَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَزَادَ: وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ.
ثُمَّ إِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ فَهُوَ خَطَأٌ مَحْضٌ.
فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَقْتَضِي أَنَّ نُوحًا مَكَثَ فِي قَوْمِهِ بَعْدَ الْبِعْثَةِ وَقَبْلَ الطُّوفَانِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاما فَأَخذهُم الطوفان وهم ظَالِمُونَ.
ثُمَّ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَإِن كَانَ مَا ذكر مَحْفُوظًا عَن ابْن عَبَّاس - مِنْ أَنَّهُ بُعِثَ وَلَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَأَنَّهُ عَاشَ بَعْدَ الطُّوفَانِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً - فَيَكُونُ قَدْ عَاشَ عَلَى هَذَا أَلْفَ سَنَةٍ وَسَبْعَمِائَةٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
وَأَمَّا قَبْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قروى ابْن جرير والازرقي عَن عبد الرَّحْمَن ابْن سابط أَو غسيره مِنَ التَّابِعَيْنِ مُرْسَلًا، أَنَّ قَبْرَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
وَهَذَا أَقْوَى وَأَثْبَتُ مِنَ الَّذِي يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِنْ أَنَّهُ بِبَلْدَةٍ بِالْبِقَاعِ تُعْرَفُ الْيَوْمَ بِكَرْكِ نُوحٍ، وَهُنَاكَ جَامع قد بنى بِسَبَب ذَلِك فِيمَا ذكر.
وَالله أعلم.