قال الشيخ: أي يستخبرونني فلا أخبرهم بشيءٍ، وهم يقدِّرون فيَّ، ويرون آثار العظمة والكمال وكرم الخصال وشرف الأفعال، وما تطيش سهام تُهمِهم فيَّ علي مسايرتهم حالي.
وقال في مطلع قصيدة:
(قدْ علَّمَ البينُ منَّا البينَ أجفانا ... تدمَى وألَّفَ في ذا القلبِ أحزانا)
قال أبو الفتح: أي قد علَّم البين أجفاننا والفراق، فما تلتقي سهراً وبكاءً. قال الشيخ: الرجل يقول: منَّا البين، وليس يقول: من عيوننا البين حتى يحسن فيه هذا التفسير، وإن فراقها للسهر والبكاء، ولو كان كذلك لكان كقول بشَّار:
جفِّت عيني عن التَّغميضِ حتَّى ... كأنَّ جفونَها عنها قصارُ
فلا تلتقي، وكذلك قول المتنبي:
بعيدةُ ما بينَ الجفونِ كأنَّما ... . . . . . . . . . . . . . . .
لا ولكنه يقول: قد علَّم الفراق أجفاننا فراقَّنا والبين عنَّا، ففارقتنا وبانت منَّا لكثرة البكاء كقول من تقدم:
استبقِ دمعَك لا يُودِ البكاءُ بهِ ... واكُفف مدامعَ مِن عينيكَ تستبقُ
ليس الشُّؤُونُ على هذا بباقيةٍ ... . . . . . . . . . . . . . . .