اضطجعت، فدخل، فقال -صلى الله عليه وسلم-. "ما لك يا عائشة حَشْيَا رابية"؟ ، قلت: لا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لتخبرني، أو ليخبرني اللطيف الخبير"، قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، فأخبرته الخبر، قال -صلى الله عليه وسلم-: "وأنت السواد التي رأيت أمامي؟ " قالت: نعم، قالت: فَلَهَزَني في صدري لَهْزَة أوجعتني، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: "أظننت أن يحيف الله ورسوله؟ " قلت: مهما يكتم الناس فقد علمه الله، قال -صلى الله عليه وسلم-: "فإن جبريل عليه السلام أتاني حيث رأيتِ، ولم يكن يدخل عليك، وقد وضعت ثيابك، فناداني، فأخفى منك، فأجبته فأخفيت منك، فظننت أن قد رقدت، وخشيت أن تستوحشي، فأمرني أن آتي أهل البقيع، فأستغفر لهم".
قال مسلم رحمهُ اللهُ في "كتاب المساقاة": وحدثني غير واحد من أصحابنا، قالوا: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أخي، عن سليمان -وهو ابن بلال- عن يحيى ابن سعيد، عن أبي الرجال، محمد بن عبد الرحمن، أن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، قالت: سمعت عائشة تقول: سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صوت خصوم بالباب، عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر، ويسترفقه في شيء، وهو يقول: والله لا أفعل، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهما، فقال: "أين المتألي على الله لا يفعل المعروف؟ " قال: أنا يا رسول الله، فله أي ذلك أحب؟ .
قال المازوري في "المعلم" في "كتاب المساقاة" خرّج مسلم في "باب الحوائج" حديثين مقطوعين، فذكر الأول منهما، وهو حديث الباب، ثم عقب عليه بقوله: وهذا الحديث يتصل لنا من طريق البخاري (?)، ورواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس، وقد حدث مسلم عن إسماعيل بن أبي أويس، دون واسطة في "كتاب الحج" وفي آخر "كتاب الجهاد"، وروى أيضًا عن أحمد بن يوسف الأزدي، عن إسماعيل بن أبي أويس في "كتاب اللعان"، وفي "كتاب الفضائل".
أما قول مسلم: حدثني غير واحد من أصحابنا، فقد قال أبو نعيم في "المستخرج": يقال: إن مسلما حمل هذا الحديث عن البخاري. قال القاضي عياض: إذا قال الراوي: حدثني غير واحد، أو حدثني الثقة، أو حدثني بعض أصحابنا، ليس هو من المقطوع، ولا من المرسل، ولا من المعضل عند أهل هذا الفن، بل هو من باب الرواية عن المجهول (?).