صاحب "الحلّ المفهم" ففيه من التكلّف والتعسّف ما لا يخفى على الفطن (?)، والله الهادي إلى سواء السبيل.

(عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي زَعَمَ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ) أي وهو المخترع الذي قال: لا أحتجّ بالمعنعن حتى أتبيّن ثبوت السماع؛ لإمكان الإرسال، وقوله (فَمَا سَمِعْنَا) الخ جملة تعليلية للجواب المقدّر كما سبق آنفًا: أي فقد خالف الأئمة؛ لأننا ما سمعنا (ذَلِكَ) أي البحث عن موضع السماع (عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ سَمَّيْنَا وَلَمْ نُسَمِّ مِنَ الْأَئِمَّةِ) يعني أنهم لم يسلكوا هذا المسلك الذي زعمه هذا المخترع في تفتيش الأسانيد إلا حيث يوجد في الرواة من عُرِفَ بالتدليس، فعند ذلك يبحثون عن سماع ذلك المدلّس حتى تزول عنهم تلك العلّة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا معنى كلامه، وقد عرفت ما فيه فيما مضى، فلا تنس نصيبك والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ، وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قَدْ رَوَى عَنْ حُذَيْفَةَ، وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَعَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثًا يُسْنِدُهُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُمَا ذِكْرُ السَّمَاعِ مِنْهُمَا، وَلَا حَفِظْنَا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ شَافَهَ حُذَيْفَةَ وَأَبَا مَسْعُودٍ بِحَدِيثٍ قَطُّ، وَلَا وَجَدْنَا ذِكْرَ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهُمَا فِي رِوَايَةٍ بِعَيْنِهَا، وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ مَضَى، وَلَا مِمَّنْ أَدْرَكْنَا أَنَّهُ طَعَنَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَاهُمَا عَبْدُ اللهِ بْن يَزِيدَ عَنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِي مَسْعُودٍ بِضَعْفٍ فِيهِمَا، بَلْ هُمَا وَمَا أَشْبَهَهُمَا عِنْدَ مَنْ لَاقَيْنَا مَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ صِحَاحِ الْأَسَانِيدِ وَقَوِيِّهَا، يَرَوْنَ اسْتِعْمَالَ مَا نُقِلَ بِهَا، وَالِاحْتِجَاجَ بِمَا أَتَتْ مِنْ سُنَنٍ وَآثَارٍ، وَهِيَ فِي زَعْمِ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ وَاهِيَةٌ مُهْمَلَةٌ، حَتَّى يُصِيبَ سَمَاعَ الرَّاوِي عَمَّنْ رَوَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015