المعتمد على قولهم في هذا الشأن، ومن أخرجها في كتبه من أئمة الحديث، مستعينا في ذلك كله بالله عزَّ وجلَّ، ومستمدا هدايته، وإرشاده، وتوفيقه إلى الصواب، وإسعاده، وهو حسبي ونعم الوكيل.
قال الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري رحمهُ اللهُ في "كتاب الطهارة":
وروى الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن عمير مولى ابن عباس، أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار، مولى ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث بن الصِّمَّة الأنصاري، فقال أبو الجهم: أقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من نحو بئر جَمَل، فلقيه رجل، فسلم عليه، فلم يرد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أقبل على الجدار، فمسح وجهه ويديه، ثم رد عليه.
قلت: هكذا أخرجه مسلم في "صحيحه" مقطوعًا، وهو حديث صحيح، ثابت متصل في كتاب البخاري وغيره، من حديث الإمام أبي الحارث، الليث بن سعد بن عبد الرحمن المصري الفقيه، عن جعفر بن ربيعة بن شُرَحبيل المصري، أخرجه الأئمة الثقات: البخاري، وأبو داود، والنسائي، في مصنفاتهم، متصلا من حديثه، فرواه البخاري عن يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري عنه، وابن بكير هذا من شرط مسلم، فإنه احتج بحديثه، وروى عن أبي زرعة الرازي، وعن غير واحد عنه. ورواه أبو داود (?)، عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، عن جده، وعبد الملك هذا من ثقات المصريين، روى عنه مسلم في "صحيحه" عدةَ أحاديث من روايته، عن أبيه، عن جده.
ورواه النسائي (?) عن الربيع بن سليمان، عن شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، والربيع بن سليمان هذا هو المرادي، صاحب الإمام الشافعي رحمهُ اللهُ، مشهور من ثقات المصريين، وأكابرهم.