[الثالث]: قال الشيخ رحمهُ اللهُ تعالى: ما ننقله من أصل الحافظ أبي عامر العبدري، نرويه عن شيخنا أبي حفص، عمر بن محمد البغدادي وغيره إذنا، عن أبي القاسم، إسماعيل بن أحمد السمرقندي إذنا، قال: أخبرنا أبو الليث، نصر بن الحسن الشاشي السمرقندي، قراءة عليه، قال: أخبرنا عبد الغافر الفارسي بسنده السابق.

وما ننقله من أصل الحافظ أبي القاسم الدمشقي العساكري، فهو مندرج في روايتنا لجميع الكتاب عن شيخنا، أبي القاسم منصور ابن حفيد الفراوي عنه، وقد ذكرناه عند ذكرنا إسنادنا في الكتاب. وكذلك ما ننقله من الأصل المأخوذ عن الجلودي، فهو مما أجازه لنا منصور، عن أبي جده الفراوي، عن عبد الغافر الفارسي، عن الجلودي. وكذلك ما ننقله من أصل الحافظ أبي حازم العبدري، فهو أيضًا مما أجازه لنا، قال: أنبأنا أبو جدي الفراوي، قال: أنبأنا أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، قال: أنبأنا الحافظ أبو حازم العبدري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد العدل، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، قال: حدثنا مسلم.

[فائدة]: قال الشيخ أبو عمرو رحمهُ اللهُ تعالى: ثم إن الرواية بالأسانيد المتصلة، ليس المقصود بها في عصرنا، وكثير من الأعصار قبله، إثبات ما يُرْوَى بها، إذ لا يخلو إسناد منها عن شيخ لا يَدرِي ما يرويه، ولا يَضبِط ما في كتابه، ضبطا يصلح لأن يُعتَمَد عليه في ثبوته، وإنما المقصود منها إبقاء سلسَلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة - زادها الله كرامة-. وإذا كان ذلك كذلك، فسبيل من أراد الاحتجاج بحديث، من "صحيح مسلم"، وأشباهه أن يتلقاه من أصل مُقابَلٍ على يدي ثقتين بأصول صحيحة متعددة، مروية بروايات متنوعة؛ ليحصل له بذلك مع اشتهار هذه الكتب، وبُعْدِها عن أن تُقْصَد بالتبديل والتحريف الثقة بصحة ما اتفقت عليه تلك الأصول، فقد تكثر الأصول المقابَل بها كثرةً تتنزل منزلة التواتر، أو منزلة الاستفاضة، وقد لا تبلغ ذلك، ثم ما لم يبلغ ذلك لا يبطل بالكلية. انتهى كلام الشيخ رحمهُ اللهُ تعالى (?).

قال النوويّ رحمهُ اللهُ تعالى بعدما نقل كلام الشيخ المذكور: هذا الذي قاله محمول على الاستحباب، والاستظهار، وإلا فلا يُشترط تعداد الأصول والروايات، فإن الأصل الصحيح المعتمد يكفي، وتكفي المقابلة به. انتهى (?).

وإلى ما ذُكر أشار السيوطيّ رحمهُ اللهُ تعالى في "ألفية الأثر" حيث قال:

وَأَعْرَضُوا فِي هَذِهِ الأَزْمَانِ ... عَنِ اعْتِبَارِ هَذِهِ الْمَعَانِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015