الزهري قال: ما جالست أحدا من العلماء إلا وأرى أني قد أتيت على ما عنده، وقد كنت اختلفت إلى عروة، حتى ما كنت أسمع منه إلا معادًا، ما خلا عبيد الله بن عتبة، فإنه لم آته إلا وجدت عنده علمًا طريفًا. وعن عبيد الله قال: ما سمعت حديثا قط ما شاء الله أن أعيه إلا وعيته. وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: أيما أحب إليك عكرمة أو عبيد الله؟ قال: كلاهما ولم يخير. وقال الواقدي: كان عالمًا، وكان ثقة فقيهًا، كثير الحديث والعلم، شاعرًا، وقد عمي. وقال أبو جعفر الطبري: كان مقدما في العلم والمعرفة بالأحكام والحلال والحرام، وكان مع ذلك شاعرًا مُجِيدًا. وقال ابن عبد البر: كان أحد الفقهاء العشرة، ثم السبعة الذين يَدُور عليهم الفتوى، وكان عالما فاضلا مقدما في الفقه، تَقِيّا شاعرا محسنا، لم يكن بعد الصحابة إلى يومنا فيما علمتُ فقيه أشعر منه، ولا شاعرٌ أفقه منه. وقال عمر بن عبد العزيز: لو كان عبيد الله حيا ما صدرت إلا عن رأيه. وقال ابن حبان في "الثقات": كان من سادات التابعين، مات سنة (98) قال: وقد قيل: إنه مات قبل علي بن الحسين مات سنة (94). قال البخاري: مات قبل علي بن الحسين سنة أربع أو خمس وتسعين. وقال ابن نمير وغيره: مات سنة (98). وقال ابن المديني: مات سنة (99). وقال في "التقريب": ثقة فقيه ثبتٌ، من الثالثة.
أخرج له الجماعة، وله في "صحيح مسلم" (55) حديثًا.
7 - (عبد الله بن مسعود) الصحابيّ الشهير -رضي الله عنه- المذكور قريبًا. والله تعالى أعلم.
(عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ) بن مسعود الْهُذَلي (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ) -رضي الله عنه- (قَالَ: مَا) نافية (أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ) الباء زائدة: في خبر "ما"، كما قال في "الخلاصة":
وَبَعْدَ "مَا" وَ "لَيْسَ" جَرَّ الْبَا الْخَبَرْ ... وَبَعْدَ "لَا" وَنَفْي "كَانَ" قَدْ يُجَرّ
(قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ) جملة في محلّ نصب صفة لحديث، أي لا تدركه أفهامهم (إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً) قال أبو العبّاس القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: الفتنة هنا الضلال والْحَيْرَة، وهي تتصرّف في القرآن على أوجه متعدّدة، وأصلها: الامتحان والاختبار، ومنه قولهم: فتنت الذهب بالنار: إذا اختبرته بها، وهذا نحو مما قال في حديث آخر: "حدّثوا الناس بما يفهمون، أتريدون أن يكذّب الله ورسوله" (?). انتهى (?).