بحرملة صعب. وقال أحمد بن صالح: صنف ابن وهب مائة ألف حديث وعشرين ألف حديث عند بعض الناس النصف -يعني نفسه- وعند بعض الناس منها الكل -يعني حرملة-. قال ابن عدي، وقد تَبَحَّرْتُ حديثَ حرملة، وفَتَّشتُه الكثيرَ فلم أجد فيه ما يجب أن يُضَعَّف من أجله، ورجلٌ يكون حديث ابن وهب كله عنده، فليس ببعيد أن يُغْرِب على غيره كُتُبا ونُسَخًا، وأما حمل أحمد بن صالح عليه، فإن أحمد سَمِع في كتب حرملة من ابن وهب فأعطاه نصف سماعه ومنعه النصف، فتولد بينهما العداوة من هذا، وكان من يَبدأ بحرملة إذا دخل مصر لم يحدثه أحمد بن صالح، وما رأينا أحدًا جمع بينهما، كذا قال، وقد جمع بينهما أحمد بن رِشدين شيخ الطبراني، لكن يُحمل قولُ ابن عدي على الغرباء.
وقال ابن يونس: وكان من أَمْلإ الناس بما روى ابنُ وهب. ونقل أبو عمر الكنديّ أن سبب كثرة سماعه من ابن وهب أن ابن وهب استخفى عندهم لَمّا طُلِب للقضاء، قال: ونظر إليه أشهب فقال: هذا خير أهل المسجد. وقال الْعُقيليّ: كان أعلم الناس بابن وهب، وهو ثقة -إن شاء الله تعالى-. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال أبو عبد الله البُوشَنجي: سمعت عبد العزيز بن عمران المصري يقول: لَقِيتُ حرملة بعد موت الشافعي، فقلت له: أَخرِج إليّ فهرست كُتب الشافعي، قال: فأخرجه إليّ، فقلت: ما سمعتم من هذه الكتب؟ قال: فَسَمَّى لي سبعة كتب أو ثمانية، فقال: هذا كل شيء عندنا عن الشافعي عرضًا وسماعًا، قال أبو عبد الله البوشنجي: فرَوَى عنه الكتب كلها سبعين كتابا أو أكثر، وزاد أيضا ما لم يُصنّفه الشافعي، وذاك أنه رَوَى عنه فيما أخبرنا بعض أصحابنا كتاب الفَرْق ببن السحر والنبوة، وأنه قيل له في ذلك، فقال: هذا تصنيف حفص الفرد، وقد عرضته على الشافعي فرضيه.
مات حرملة رَحِمَهُ اللهُ تعالى سنة (244). وقال ابن يونس: وُلِد سنة (166) وتُوفي لتسع بقين من شوال سنة (243).
وقال في "التقريب": صدوقٌ، من الحادية عشرة.
رَوَى عنه مسلم، وابن ماجه، وروى له النسائيّ بواسطة أحمد بن الهيثم الطرسوسيّ. وله في صحيح مسلم (268) حديثًا.
[تنبيه]: حرملة بن يحيى هذا هو التجيبيّ -بمثناة من فوق مضمومة على المشهور-، وقال صاحب "المطالع": بفتح أوله وضمه، قال: وبالضم يقول أصحاب الحديث، وكثير من الأُدباء، قال: وبعضهم لا يجيز فيه إلا الفتح، ويزعم أن التاء أصلية، وفي باب التاء ذكره صاحب "العين"، يعني فتكون أصلية، إلا أنه قال: تجيب، وتجوب قبيلة، يعني قبيلة من كندة، قال: وبالفتح قيدته على جماعة شيوخي، وعلى ابن