بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرسل رسوله محمدا -صلى الله عليه وسلم- بالهدى، ودين الحق، ليكون للعالمين نذيرا وبشيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وكفى بالله وليّا، وكفى بالله نصيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي أنزل عليه الكتاب، وقال له: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية: [النحل: الآية 44] فأَعظم به فضلا كبيرا، فكان كل ما أضيف إليه -صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو نحوهما بيانا للذكر المنزل عليه، وتوضيحا، وتفسيرا.
صلَّى الله عليه صلاة وسلاما دائمين متلازمين، ما دامت السموات والأرض، وكان الذكر الحكيم عاليا، وبيانه شهيرا.
وعلى آله الذين انتموا إليه، فاصطفاهم الله تعالى، وأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا.
وعلى أصحابه الذين بذلوا أنفسهم، وأموالهم في حفظ شريعته، وتبليغها للناس، يبتغون بذلك فضلا من الله، وملكا كبيرا.
وعلى كافة العلماء، ولا سيما أهل الحديث الذين قاموا بحمل سننه المطهرة، ونشرها بين الناس جِيلا بعد جيل تعليما وتذكيرا، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل ذلك، وما ضعفوا، وما استكانوا، بل جَدُّوا، فشدُّوا، وجادوا، فسادوا، وكان المجد بهم جديرا، ونالوا بذلك عند ربهم الحُسْنَى والزيادة، فأعظم بها فوزا، وأوسع بها عطاء غزيرًا.
اللهم اسلك بنا مسلكهم، وجنبنا الزيغ والضلال، والإنحراف عن هُدَاهم، وأمتنا على حبهم، واحشرنا في زمرتهم، إنك كنت بنا رَؤُوفًا، وعلى ما تشاء قديرًا.
أما بعد: فهذا شرح وضعته على مقدمة صحيح الإمام الحافظ الحجة أبي الحسين مسلم بن الحجاج القُشَيري النيسابوري رحمه الله تعالى، يَحُلُّ ألفاظها، ويبين معانيها،