الثالث: ما تفرد فيه بعض الرواة بزيادة، لم يذكرها أكثر منه، أو أضبط، وهذا لا يؤثر التعليل به، إلا إن كانت الزيادة منافية، بحيث يتعذر الجمع، وإلا فهي كالحديث المستقل، إلا إن وضح بالدليل القوي أنها مدرجة من كلام بعض رواته، فهو مؤثر.
الرابع: ما تفرد به بعض الرواة، ممن ضُعّف، وليس في "الصحيح" من هذا القبيل، غير حديثين، تبين أن كلا منهما قد توبع:
[أحدهما]: حديث إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: "أن عمر استعمل مولى له يُدْعَى هُنيّا على الحمى ... " الحديث بطوله. قال الدارقطني: إسماعيل ضعيف. قال الحافظ: ولم ينفرد به، بل تابعه معن بن عيسى عن مالك، ثم إن إسماعيل ضعفه النسائي وغيره، وقال أحمد وابن معين في رواية: لا بأس به. وقال أبو حاتم: محله الصدق، وإن كان مغفلا. وقد صح أنه أخرج للبخاري أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه من صحيح حديثه؛ لأنه كتب من أصوله، وأخرج له مسلم أقل مما أخرج له البخاري.
[ثانيهما]: حديث أُبَيّ بن عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، عن جده، قال: "كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- فرس، يقال له: اللَّحِيف" (?). قال الدارقطني: أُبَيّ ضعيف. قال الحافظ: تابعه عليه أخوه عبد المهيمن.
القسم الخامس: ما حُكِم فيه على بعض الرواة بالوهم، فمنه ما لا يؤثر قدحا، ومنه ما يؤثّر.
السادس: ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن، فهذا أكثره لا يترتب عليه قدح؛ لإمكان الجمع، أو الترجيح. انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى (?). وهو بحث نفيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
قال النوويّ رحمه الله تعالى: سلك مسلم رحمه الله تعالى في "صحيحه" طرقا بالغة في الإحتياط، والإتقان، والورع، والمعرفة، وذلك مُصَرِّح بكمال ورعه، وتمام معرفته، وغزارة علومه، وشدة تحقيقه بحفظه، وتقعدده في هذا الشأن، وتمكنه من أنواع