متصلة من وجه آخر، من حديث عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب بإسناده المتقدم، وقال فيها: عن ثلاثة من ولد سعد كلهم يحدثه عن أبيه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على سعد يعوده بمكة ... الحديث، فثبت اتصاله في الكتاب، من حديث أيوب بن أبي تميمة أيضًا، والحمد للَّه. وإنما أورده مسلم من الوجهين المذكورين عن أيوب؛ لينبه على الاختلاف عليه في إسناده، والله عز وجل أعلم.
وبنو سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- سبعة، فيما ذكر علي بن المديني، وهم: مصعب، وعامر، ومحمد، وإبراهيم، وعمر، ويحيى، وعائشة، وذكر أبو زرعة الدمشقي أنهم ثمانية: فعد هذه السبعة، وزاد إسحاق بن سعد. والله أعلم. اهـ.
[فصل]: ووقع في الكتاب أيضًا أحاديث فوق العشرة مروية بالمكاتبة، لم يسمعها الراوي لها ممن كاتبه بها، وإنما رواها عن كتابه فقط، فهي مقطوعة من طريق السماع، متصلة من طريق المكاتبة، وقد اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من منع الرواية بالمكاتبة، ومنهم من أجاز ذلك بشرط، وهو أن يأذن الكاتب للمكتوب بها إليه في روايتها عنه، وإلى هذا القول ذهب أبو حامد الغزالي، ونص عليه في كتابه "المستصفى"، وقال الإمام أبو المعالي الجويني في كتاب "النهاية" كل حديث نسب إلى كتاب، ولم يُذكر حامله فهو مرسل، والشافعي لا يرى التعلق بالمراسيل.
قلت: وذكر القاضي عياض أن الذي عليه الجمهور، من أرباب النقل، وغيرهم، جواز الرواية لأحاديث المكاتبة، ووجوب العمل بها، وأنها داخلة في المسند، وذلك بعد ثبوت صحته عند المكتوب إليه بها، ووثوقه بأنها عن كاتبها، ولهذا أضربت عن إيرادها، وإنما نبهت عليها في الجملة؛ لأجل الخلاف الواقع فيها، ولأن أبا الحسن الدارقطني انتقد على البخاري ومسلم إخراجهما أحاديث منها، على أن أكثر هذه الأحاديث المشار إليها، إنما وقعت كذلك في الكتاب، من بعض طرقها، دون بعض. والله الموفق (?).
(58) - قلت: ويدخل في هذا الباب ما أخرجه مسلم رَحمهُ الله في مواضع من كتابه، من حديث مخرمة بن بكير، عن أبيه، فإنه لم يسمع من أبيه شيئا، إنما روى من كتاب أبيه.
ومع صحة المكاتبة، وثبوتها عند الأكثر، فقد رجح جماعة من العلماء، ما روي بالسماع المتصل، على ما روي بها، ووقع في مثل ذلك مناظرة بين الإمامين: أبي عبد