أنس -رضي الله عنه- قال: "إني لقائم عل الحي، على عمومتي أسقيهم ... " الحديث، وفي آخره: قلت لأنس: ما هو؟ قال: بسر ورطب، قال: فقال أبو بكر بن أنس: كانت خمرهم يومئذ، قال سليمان: وحدثني رجل عن أنس، أنه قال ذلك أيضًا، ثم أردفه بطريق آخر عن التيمي، عن أنس بنحوه، وقال التيمي في آخره: حدثني بعض من كان معي، أنه سمع أنسا يقول: كانت خمرهم يومئذ.
قلت: وقد أورد مسلم بعد ذلك حديث قتادة، عن أنس متصلا، وفيه: "نزل تحريم الخمر فأكفأناها يومئذ، وإنها لخليط البسر والتمر"، قال قتادة: وقال أنس بن مالك: "لقد حُرِّمت الخمر، وكانت عليه خيورهم يومئذ خليط البسر والتمر"، فثبت اتصاله، والحمد لله.
أخرج مسلم رحمهُ اللهُ في "كتاب الجهاد" (?) أيضًا حديث عبد الله بن نمير، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: أُصيب سعد يوم الخندق، ورماه رجل من قريش بن الَعَرِقَة، وساق الحديث إلى آخره، ثم أردفه بقوله: وحدثنا أبو كريب، ثنا ابن نمير، ثنا هشام، قال أبي: فأُخْبِرت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لقد حكمت فيهم بحكم الله".
قلت: وقول هشام: قال أبي: فأُخبرت ليس بمتصل على مذهب الحاكم وغيره، كما تقدم. والجواب عنه أن مسلما رحمه اللهُ، قد أخرج هذا اللفظ بعينه متصلا، من رواية أبي سعيد الخدري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا ثبت اتصاله من وجه صحيح، فلا يؤثر قول بعض الرواة فيه: فأُخبرت من وجه آخر. والله أعلم.
وابن الْعَرِقَة اسمه: حِبَّان -بكسر الحاء المهملة، وبالباء بواحدة- وقيل في تقييده: جبار -بالجيم، والباء المعجمة بواحدة، وآخره راء- والأول أصح، وهو حبان ابن أبي قيس، ويقال: ابن قيس، وكان قد رَمَى سعد بن معاذ يوم الخندق بسهم في أكحله (?)، وقال: خذها، وأنا ابن الْعَرِقة، فرُوي أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "عَرَّق الله وجهه في النار" (?)