الصُّلْح فَلَا تسمع الدَّعْوَى بهَا أم لَا تَدْخُلُ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى؟ قَوْلَانِ وَكَذَا لَوْ صَدَرَ بَعْدَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ عَامٌّ ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُصَالِحِ عَيْنٌ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِيهِ قَوْلَانِ أَيْضًا.

وَالْأَصَحُّ السَّمَاعُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ دُخُولِهَا تَحْتَ الصُّلْحِ فَيَكُونُ هَذَا تَصْحِيحًا لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ الدُّخُولِ، وَهَذَا إذَا اعْتَرَفَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ كَمَا أَفَادَهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُحِيطِ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالْعَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ بَعْدَ الصُّلْحِ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الصُّلْحِ يَصِحُّ الصُّلْحُ وَيُقْسَمُ الدَّيْنُ بَيْنَ الْكُلِّ.

وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالدُّخُولِ فَالصُّلْحُ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ ظَاهِرًا وَقْتَ الصُّلْحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُخْرَجًا مِنْ الصُّلْحِ بِأَنْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالصُّلْحِ عَنْ غَيْرِ الدَّيْنِ مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ.

وَهَذَا أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ مَا ظَهَرَ بَعْدَ التَّخَارُجِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ من إنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الصُّلْحِ، لَا خَفَاء، وَمَنْ قَالَ يَدْخُلُ تَحْتَهُ فَكَذَلِكَ، إنْ كَانَ عَيْنًا لَا يُوجِبُ فَسَادَهُ، وَإِنْ دَيْنًا إنْ مخرجا من الصُّلْح لَا يفْسد وَإِلَّا يفْسد اهـ.

قَوْله: (أشهرهما لَا) وعَلى مُقَابِله: فَإِن كَانَ الَّذِي ظهر دينا فسد الصُّلْح كَأَنَّهُ وجد فِي الِابْتِدَاء فَيكون هُوَ وَغَيره بَين الْكل، وَإِن كَانَ عينا لَا.

اهـ.

منح.

قَوْلُهُ: (بَلْ بَيْنَ الْكُلِّ) أَيْ بَلْ يَكُونُ الَّذِي ظهر بَين الْكل.

قَوْله: (قلت وَفِي الْبَزَّازِيَّة الخ) وَفِي الثَّامِن وَالْعِشْرين من جَامع الْفُصُولَيْنِ أَنه الاشبه.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ) أَيْ لَوْ ظَهَرَ فِي التَّرِكَةِ عَيْنٌ، أَمَّا لَوْ ظَهَرَ فِيهَا دَيْنٌ فَقَدْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: إنْ كَانَ مخرجا من الصُّلْح لَا يفْسد، وَإِلَّا يفْسد كَمَا سمعته: أَيْ إنْ كَانَ الصُّلْحُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ الدّين يَفْسُدُ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى جَمِيعِ التَّرِكَةِ فَسَدَ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ ظَاهِرًا وَقْتَ الصُّلْحِ.

قَوْله: (وَفِي مَال طِفْل) أَي وَالصُّلْح فِي مَال الطِّفْل الثَّابِت بالشهود لم يجز إِذْ لَا مصلحَة لَهُ، وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ للطفل.

وَالضَّمِير فِي لم يجز إِلَى الصُّلْح.

قَوْله: (وَمَا يَدعِي) عطف على مَأْخُوذ من الْمقَام: أَي فَلم يجز الصُّلْح فِي مَال الطِّفْل الثَّابِت بالشهود وَلَا فِيمَا يَدعِي خصم وَلَا يتنور: أَي لم ينور دَعْوَاهُ لبينة.

وَحَاصِل الْمَعْنى: إذَا كَانَ لِطِفْلٍ مَالٌ بِشُهُودٍ لَمْ يَجُزْ الصُّلْح فِيهِ، وَلم يجز مصالحة من يَدعِي شَيْئا على الصَّغِير بِدُونِ بَيِّنَة بِمَال الصَّغِير، لَان الْمُدَّعِي لم يسْتَحق سوى الِاسْتِحْلَاف، وَلَا يسْتَحْلف الاب وَلَا الْوَصِيّ وَلَا الصَّبِي حَال صغره، والاب لَا يَصح أَن يفْدي الْيَمين بِمَال الصَّغِير، وَإِن تبرع الاب بِمَالِه صَحَّ كالاجنبي.

وَإِذا كَانَ للْمُدَّعِي بَيِّنَة يَصح الصُّلْح بِمَال الصَّغِير بِمثل الْقيمَة وَزِيَادَة يتَغَابَن فِيهَا كالشراء، وَهَذِه الْمسَائِل تجْرِي فِي الاب وَالْجد ووصيهما وَالْقَاضِي ووصيه، وَسَوَاء كَانَ الصُّلْح فِي عقار أَو عبد أَو غَيرهمَا فِي الْكل أَو الْبَعْض.

وَعَلِيهِ فالصورة أَربع فِيمَا إِذا لم يكن للطفل بَيِّنَة وَحَيْثُ كَانَ للخصم بَيِّنَة، فَهَذِهِ أَربع صور.

وَأَشَارَ المُصَنّف إِلَى أَن الاربعة تجْرِي مَعَ الاب وَالْجد وَالْوَصِيّ من جِهَة الاب أَو الْجد، وَمن جِهَة الْوَصِيّ أَو من جِهَة أَحدهمَا أَو القَاضِي أَو وَصِيّ القَاضِي فَبلغ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَة، وَسَوَاء كَانَ الصُّلْح فِي عقار أَو عبد أَو غَيرهمَا فَيبلغ سِتَّة وَتِسْعين، وَسَوَاء كَانَ فِي الْجَمِيع أَو الْبَعْض فَيبلغ مائَة واثنين وَتِسْعين حكما كل ذَلِك مِمَّا ذكره صَاحب الْمَبْسُوط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015